مقدمة نشرة أخبار تلفزيون “الجديد”

Whatsapp

أيام أربعة مرت على جريمة بحجم قتل مدينة. عثرنا على أشلاء ولم نعثر على اتهام في المجريات القضائية لمسؤولي المرفأ: حسن قريطم موقوفا، بدري ضاهر الى الشرطة العسكرية للتحقيق بإشرف النيابة العامة التمييزية، وبضعة عمال أوقفوا على ذمة التحقيق.

أما بعد، فإن دماء الذين رحلوا وفقدوا وجرحوا تتطلع الى مراتب عليا والى تحميل المسؤوليات لكل من تولاها حكما وحكومة ووزارء، منذ عام 2014 إلى تاريخ الومضة الأولى. وهي إهانة للدماء أن يخرج رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى الناس على “الحياد”، متبرئا من المعرفة المسبقة، وهو قال للصحافيين إن المواد دخلت لبنان عام 2013، لم أكن على علم بها ولا بمدى خطرها، كما أن صلاحياتي لا تسمح لي بالتعاطي المباشر بالمرفأ، وهناك تراتبية يجب احترامها.

نتحدث هنا عن رئيس جمهورية، عن قائد أعلى للقوات المسلحة، عن ساهر على البلاد ودستورها. لكنه يقرر أن يظهر بصورة “من لا يمون على مرفأ”. وإذ كان ميشال عون قد أعطى نفسه نموذجا عن القائد الذي لا يحمي أحدا، فإنه في المقابل كان يستقبل بدري ضاهر “حبة ظهرا.. حبة صباحا”، وكل من في القصر يؤكدون تواجد المدير العام للجمارك يوميا في العنبر الرئاسي، فلماذ لم يخبره بدري الكيماوي بالقنبلة الموقوتة التي طحنت بيروت؟.

وبمرور الأيام الخمسة سيكون اللبنانيون في حل من أي التزام عن وعد السياسيين بالمحاسبة، لاسيما أن الوثائق الأمنية والقضائية تتوالى عن معرفة أركان الحكم مسبقا بكل التفاصيل الآيلة للاشتعال، وإحدى أبرز هذه الوثائق ما تنشره “الجديد” عن تقارير رفعها جهاز أمن الدولة، وجاء فيها أن هذه المواد خطرة وتستعمل في صناعة المتفجرات وفي حال تعرضت لأي سرقة يستطيع السارق أن يستعملها لصناعة المتفجرات، وأنها في حال اشتعالها ستسبب انفجارا ضخما ستكون نتائجه شبه مدمرة لمرفأ بيروت.

لكن البلاغات التي سطرها الجهاز لكل المعنيين في الدولة، لاقت روتينا إداريا وإهمالا في التنفيذ، وأخذا وعطاء في المراسلات، إلى أن وقعت الواقعة، فيما ذهب السياسيون الى استغلال ومتاجرة وحفلات التبرئة من جهة والاتهام المضاد من جهة مقابلة.

وفي أعقاب اتهام طاول “حزب الله” بملكية المواد المتفجرة، أطل الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، نافيا وجازما أي علاقة حيث لا مخزن ولا صاروخ ولا بندقية ولا نترات ولا رصاصة ل”حزب الله” في مرفأ بيروت، فنحن اختصاصنا مرفأ حيفا وليس لدينا أي فرع آخر. ورأى نصرالله أن من يروج هذه الاكاذيب إنما يريد إبلاغ أهل بيروت أن من يدمر مدينتكم هو “حزب الله” وهذا يحمل مستوى عاليا جدا من الظلم والتجني على قاعدة إكذب إكذب حتى يصدقك الناس.

وعلى إطلالة نصرالله وغيرها من الظهور التلفزيوني، ادعت قناة الـmtv أن قناة “الجديد” قد تراجعت عن قرار مقاطعة السياسيين، وهذا ما لم يحدث إذ إن “الجديد” كانت في طور نقاش الفكرة مع بقية الزملاء في المحطات اللبنانية، وأنها قررت ترك الخيار للناس ودعوتهم الى الالتحاق بتظاهرة الغد، والمطالبة بمحاكمة السياسيين المتسببين بخراب البلد وليس بيروت فحسب، وهذا موقف “الجديد” التي تتحمل يوميا كامل المسؤوليات، وبثها انما تستخلصه من نبض الناس ومعاناتهم، فتنتقد وتكشف وتهاجم وتبرز الوثائق وتدفع ثمن صحافتها الباحثة عن حرية وحقيقة في آن، والموقف هذا تترجمه اليوم بدعوة اللبنانيين إلى تظاهرة تكون حاشدة غدا، فإذا تكاثرتكم غيرتم، فكونوا انتم القادة لتكون لكم الشاشات.

Whatsapp