السنيورة: القرار القضائي بحق السفيرة الاميركية تشويه لما تبقى من سمعة للقضاء

Whatsapp

استغرب الرئيس فؤاد السنيورة، القرار القضائي بحق سفيرة الولايات المتحدة الاميركية، وقال: “لدي عدد من الملاحظات بشأن دوافعه ومدلولاته وما يهدف إلى تحقيقه عبر التعمية والتغطية لحرف انتباه اللبنانيين عن مشكلاتهم الحقيقية، وما ينبغي على العهد والحكومة القيام به لمعالجة تلك المشكلات. فجأة سمعنا أن المواطنة فاتن علي قصير ترسل رسالة بالـE-mail للقاضي محمد مازح، وهو قاضي الأمور المستعجلة في صور، الذي بدوره يبادر وفورا، وبسابقة لها تداعياتها الخطيرة في الشكل والمضمون، إلى إصدار قرار بمنع السفيرة الأميركية من الحديث والكلام عبر جميع وسائل التواصل المرئية والمسموعة والمكتوبة اللبنانية والأجنبية العاملة في لبنان، وتغريم أي من تلك الوسائل بغرامة نقدية قدرها مائتي ألف دولار إن هي أقدمت على ذلك”.

وفي حديث عبر قناة الـ”LBCI”، أضاف السنيورة: “هذا القاضي هو نفسه الذي أصدر قرارات سابقة مستغربة بمنع رئيسي مجلسي إدارة مصرفين كبيرين من السفر. المسألة الأولى، أن هذا القرار الأخير أصدره القاضي بناء على شكوى من تلك المواطنة كان خلافا لكل المواثيق والقوانين المختصة بشأن العلاقات الدبلوماسية التي تربط لبنان بالبعثات الدبلوماسية العاملة في لبنان، ومتخطيا بذلك صلاحياته المكانية بكونه قاضي الأمور المستعجلة في منطقة صور وليس في المنطقة التي تمارس فيها السفيرة الأميركية أعمالها. الغريب في ذلك، أننا شهدنا مباشرة بعد ذلك تجمع المحامين المؤيدين لحزب الله يصدر مواقف داعمة لذلك القرار القضائي، وشهدنا بعدها حركات في الشارع، تابعة لحزب الله تتظاهر مؤيدة لذلك القرار أيضا”.

 

وتابع: “في هذه الأجواء والظروف الاستثنائية التي نعيشها في لبنان، لا يمكن عزل هذا القرار القضائي عن قرارات ومواقف أخرى يجري فيها توريط القضاء اللبناني واستتباعه، وبالتالي استعماله من أجل حرف انتباه اللبنانيين عن المشكلات الكبرى التي تعصف بهم. ومن ذلك، كان القرار الاتهامي الذي صدر مؤخرا بحق السيد علي الأمين. كذلك لا يمكن ان ينظر إليه دون الأخذ بالاعتبار استمرار فخامة الرئيس بالاستعصاء عن إصدار التشكيلات القضائية، التي أقرها وعاد وأكد عليها مجلس القضاء الأعلى. هذا كله يشير إلى أن هناك ثمة دوافع سياسية وراء هذا القرار القضائي، وربما لإرسال رسائل تهويلية غير مباشرة للأميركيين. لقد كان الحري بسعادة القاضي وفور تسلمه لتلك الشكوى أن يلفت نظر وزير الخارجية إلى الموقف والكلام الذي قالته السفيرة الأميركية، وهذا الوزير هو الجهة المخولة أساسا بهذا الأمر. كذلك كان بإمكان القاضي أن يتجنب المس بقضايا هي من اختصاص وزيري العدل والإعلام، وهما الوزيران اللذان كان يجب التشاور معهما قبل القيام بأي إجراء في هذا الخصوص يمس الإعلام والحريات الصحافية في لبنان”.

وقال: “في ما خص هذا القرار القضائي، فإن لبنان، ومن جهة أولى، ملزم باحترام معاهدة فيينا، والتي تحدد طبيعة العلاقات الدبلوماسية وصلاحيات السفراء وحصاناتهم الدبلوماسية وطبيعة العلاقة التي تحكم علاقة لبنان مع البعثات الدبلوماسية. ومن جهة أخرى، فإن ما يثير الدهشة أن يخرج القاضي بعد ذلك بتصريح للاعلام، مخالفا بذلك صلاحياته للدفاع عن موقفه بقوله إنه “إذا كان سيصار إلى التحقيق معه فإنه سيقدم استقالته”. من الطبيعي، هو حر في اتخاذ القرار الذي يريده. ولكنه، للأسف، لم يتبصر بشكل كاف ليدرك أنه وبما قام باتخاذه قد وجه لطمة كبيرة بحق الدولة اللبنانية ودفعها إلى موقف تبدو فيه وكأنها تتصرف خلافا لقواعد القوانين الدولية والعلاقات الدبلوماسية بين الدول من جهة أولى، وتتعدى على الحريات الصحافية والإعلامية من جهة ثانية. وهذا كله أثار الريبة لدى الكثير من اللبنانيين بشأن خلفيات ودوافع هذا القرار القضائي. صحيح أن هذا القرار ولد ميتا وأصبح فعليا عديم الوجود، لكنه أحرج الدولة اللبنانية. وهناك الحاجة الآن، إلى طي هذا الأمر بسرعة. وترقيع الأمور يجب ان يتم عبر وزارة الخارجية. لكنه مع ذلك، للأسف، أدى في المحصلة إلى زيادة وتفاقم حدة التردي الهائل في الثقة بالحكومة وبالعهد وبالدولة اللبنانية”.

Whatsapp