بقلم الدكتورة تغريد حيدر . إستشارية نفسية وأستاذة جامعية
تم فرض الحجر الصحي في العديد من الدول كوسيلة للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد إلا أن ذلك ساهم بشكل واضح في زيادة معدلات العنف المنزلي الممارس على المرأة والطفل تحديداً. وقد دفعت وتيرة العنف المتزايد عالمياً بالأمين العام للأمم المتحدة لإصدار بيان دعا فيه الدول المعنية إلى وضع خطة طوارىء لضمان الحماية اللازمة للفئات المعنَّفة.
ماذا عن الوضع في لبنان ؟
في لبنان تضاعفت نسبة التبليغ على الخط الساخن الخاص بالقوى الأمنية لتصل إلى مئة بالمئة في شهر آذار الماضي، مما يدفعنا إلى التساؤل عن العوامل النفسية المؤثرة في هذه الظاهرة. فالرجل – “الطرف المعنِّف عامة”- يلجأ إلى شتى الأنواع من الأذية اللفظية والجسدية كوسيلة للتنفيس عن الضغوطات النفسية المتزايدة في ظل الحجر المنزلي وضيق فرص العمل وتدهور الوضع الاقتصادي، وهو يجد في الضرب والتعنيف طريقة لاواعية لاستعراض قوته وللتعبير عن نوبات غضبه في وجه كائنات أضعف منه جسدياً غير قادرة على المواجهة أو رد الأذى .
من الناحية النفسية لماذا يلجأ الرجل الى تعنيف زوجته أو عائلته خلال الحجر المنزلي ؟
عندما يرفض الرجل الاعتراف بالعجز وخسارة مكانته المتمثلة بدوره الأساسي كمعيل وسند للأسرة يستخدم طريقة لا سوية للتعويض عبر سلوك مرفوض تماماً غالباً ما تكون نتائجه مأساوية كحالة الطفلة التي لاقت حتفها منتصف الشهر الحالي نتيجة الضرب المبرح الذي تعرضت له من قبل والدها . والحالة الثانية التي سجلت عندما تشاجر أب مع عائلته ، وانتهى الأمر برمي ابنتيه من شرفة الطابق الثاني في منطقة الطريق الجديدة . اما الحالة الأكثر مأساوية فوقعت في بلدة جديتا البقاعية وذهبت ضحيتها أم شابة وابنتها القاصر، فيما ترقد الابنة الثانية في المستشفى بين الحياة والموت. أما الجاني فهو الابن البكر للعائلة الذي أطلق النار على والدته وشقيقتيه”.
هل سلوك العنف كان موجود قبل الحجر المنزلي . وهل ينتهي بأنتهائه ؟
من الجدير القول أن معظم حالات العنف يساهم فيها اشخاص اعتادوا على التعنيف كوسيلة لمواجهة ضغوطات الحياة، إلا أن ما يقلق فعلاً أن الشخص الذي اكتسب هذا السلوك واعتمده كردة فعل على العوامل الطارئة الحالية قد لا يتمكّن من التخلص منه بسهولة بانتهاء هذه العوامل لأنه يصبح تدريجياً جزءاّ من شخصيته وطريقة دائمة في التعامل مع التحديات التي يواجهها.
للتواصل مع الكاتبة
قم بكتابة اول تعليق