غازي وزني: لا مال للمتقاعدين العسكر

Whatsapp

“ليبانون ديبايت” – ملاك عقيل

من بوابة “كورونا” وحالة التعبئة العامة يطلّ هذه المرّة التدبير الرقم 3 برأسه. قصة خلاف حول تعويضات نهاية خدمة العسكريين عُلِّقت من أيام حكومة الرئيس السابق سعد الحريري أبّان مناقشة موازنة 2019 يوم وقفت القوى العسكرية، على رأسها الجيش، في مواجهة مشروع “القطع” من حقوق العسكر والذي تبنّته تقريبًا كافة الأطراف السياسية على رأسها رئاسة الجمهورية والتيار الوطني الحر تحت عنوان عصر النفقات.

التدبير رقم 3 المطبّق منذ 1975 والذي يعكس نسبة الخدمة ودرجة الاستنفار ويسمح للعسكري بموجبه بأن يتقاضى تعويض نهاية الخدمة عن كلّ سنة ثلاث سنوات بعد 18 عامًا من الخدمة، وتستفيد منه كافة الأسلاك العسكرية يخضع منذ بداية العهد العوني من تأجيلٍ الى تأجيل.

وجهة نظر رئاسة الجمهورية دومًا بأن تطبيق التدبير بات يحمل في طيّاته قلّة عدالة تساوي المُستحِق بغير المُستحِق، والمطلوب إعادة العمل بتطبيقه وفقًا لحاجة المؤسّسات الامنية والعسكرية ومصلحة موازنة الدولة، وهذا ما دعا اليه صراحة الرئيس ميشال عون في الاجتماع الأمني يوم الأربعاء الماضي في بعبدا حين “فَتَح الموضوع” وزير المال غازي وزني.

في المقابل، رأي الجيش تحديدًا، كونه أكثر المعنيين بهذا التدبير، قام على أساس أن المؤسّسة العسكرية بكل قطعاتها العملانية طوال الأعوام الماضية في حالة استنفار وجهوزية لحفظ الامن، مع رأي غالب ضمن الجيش كان يفيد بأنّ حالة الاستنفار وانعكاسها على تعويضات العسكري، فرضتها الحاجة الى تأدية المهمّات بحسب متطلّبات الأرض وحالة الجهوزية، حيث واجه لبنان بين حدوده والداخل أخطارًا كبيرة ومصيرية، ولم تكن في إطار “تنفيع” العسكريين. يكفي فقط سَرد مسار المرحلة الصعبة من مكافحة الارهاب وصولًا الى مواكبة “ثورة 17 تشرين” ومواجهة فيروس كورونا الذي اجتاح دول العالم.

وفق المعلومات، تولّى وزير المال في اجتماع بعبدا الأمني عَرض مشكلة يواجهها تتعلّق بالعجز عن تأمين نسبة 300 مليار من مستحقات المتقاعدين العسكر من أصل 2800 مليار، مرصودة في موازنة 2020. اعترف وزني بأنه قد يكون التوقيت الأسوأ لِعرض هذا الأمر في ظل حالة الاستنفار القصوى قائلًا “أنا لن أدخل في تفاصيل التدبير الرقم 3، ولا أريد ذلك. جلّ ما أقوله، أن هناك مشكلة وأنا لا أريد أن أدفع لعسكري متقاعد وأحجب المال عن عسكري آخر، وإذا تمكنّا هذا العام من تأمين المبلغ، فماذا نفعل في موازنة 2021؟”، مؤكدًا “أن الاعتمادات المتوافرة في موازنة 2020 لا تكفي لسدّ كامل مستحقات المتقاعدين”.

وكان وزني أثار موضوع التدبير الرقم 3 سابقًا قبل أن تدخل البلاد في نفق “كورونا”، وقد أعاد طرحه مجددًا يوم الأربعاء في حضور وزيريّ الدفاع والداخلية وقادة الأجهزة الأمنية ومدير التخطيط للموازنة في الجيش العميد يوسف الخوري حنا، مطالبًا بضرورة “تنظيم عملية تكليف الجيش بحفظ الأمن، وتحديد الفئات التي يشملها التدبير رقم 3″، حيث يأتي ذلك بالتزامن مع مناقشة الحكومة ورقتها المالية والاقتصادية.

ووفق المعلومات، إلغاء التدبير رقم 3 في ظل الظروف الاستثنائية التي تمرّ بها البلاد غير واردٍ، لكن اللجنة الوزارية المكلّفة درس الموضوع ستناقش حصره بفئاتٍ محدّدة طبقًا لمراحل خدمة كل عسكري.

يأتي ذلك في ظل واقعين متناقضين: رئاسة الجمهورية التي ترفض مساواة ضابطٍ خَدَم لأعوامٍ على الحدود أو عرّض حياته للخطر مع ضابطٍ آخر أمضى القسم الأكبر من خدمته العسكرية متنقلًا بين المكاتب، وأنه من غير الجائز تطبيق التدبير على ضباط وعسكر خَدموا الى جانب سياسيين من رؤساء ووزراء ونواب.

من جهة أخرى، قيادة الجيش التي تقول بأن الجيش حالة متكاملة غير قابلة للتجزئة، ومن يخدم في مكتب “يَخدم” من في الجبهة وعلى الحدود والأرض. أما الظلم الأكبر، فحين ارتضى العسكر القبول بـ “زودة” ضمن سلسلة الرتب والرواتب أقل من بقية الأسلاك المدنية بسبب استفادتهم من التدبير الرقم 3 الذي هو بمثابة التعويض عن عدم وجود ساعات إضافية يقبضها العسكر بدل الخدمة الاضافية. مع التأكيد أنّ نسبة الإداريين في الجيش البالغ عديده 80 الفًا، أقلّ بكثير من عناصر الوحدات المنتشرة على الحدود وفي المناطق، والتي هي في حالة جهوزية.

وثمة تسليم داخل المؤسسة العسكرية بأنّ حصر تطبيق التدبير الرقم 3 بقطعات معينة قد يفتح المجال أمام طلب ضباط نقلهم الى النقاط العسكرية المشمولة بالتدبير، مع العلم أنه سبق أن جرت محاولة لتطبيق هذا الأمر قبل سنوات لكنها باءت بالفشل. ويكفي أن مرحلة ما بعد 17 تشرين ومن ثم تفشّي فيروس كورونا قد وضعت الجيش، برأي المؤسسة، في حالة استنفار قصوى “فهل يمكن في هذا الإطار التفريق بين عسكري وآخر؟”.

يذكر أن رئيس الحكومة في جلسة إقرار مشروع موازنة 2020 التي كانت عقدتها حكومة الحريري قبل ثورة 17 تشرين أقرّ أنَ الواردات المعاد تقديرها لا تكفي حتى لتغطية أربعة أنواع من النفقات الحتمية البالغ مجموعها 14454 مليار ليرة لبنانية، وهي: الرواتب والأجور، المنافع الاجتماعية، خدمة الدين العام، والمساهمة للرواتب والأجور في المؤسسات العامة.

Whatsapp

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*