التاروت مابين العلم والخرافة . فضول البحث عن مايخبأه الغيب

Whatsapp

خاص صور برس – رانيا يونس

منذ بدء التاريخ، ونتيجة مخاوفه وقلقه على ما ستؤول إليه أحوال صحته وماله وعلاقاته العاطفية ونفوذه، والانسان يحاول استشراف مستقبله وما تحمله له الأيام والسنوات القادمة.
ولهذا السبب اتخذ وسائل لقراءة المستقبل أو الطالع من خلال قراءة خطوط اليد والفنجان والكرة البلورية وخرائط النجوم والمرايا وغيرها كقراءة أوراق التاروت..
وأوراق التاروت عبارة عن مجموعة من 78 صورة من الصور الرمزية التي لها دلالات يستخدمها العراف ليقرأ من خلالها مصير الشخص المستهدف فيقرأ له طالعه أو مستقبله اعتماداً على ما تأتي به الأوراق وطريقة ترتيبها. فكل ورقة تحمل صورة رمزية ورقم ، وللرقم معان فى علم الارقام أما الصور فلها معان وتفسيرات خاصة مستمدة من علم التنجيم. وتنقسم أوراق التاروت إلى مجموعتين ، الأولى تضم 56 ورقة وتسمى السر الاصغر Minor Arcana والثانية تضم 22 ورقة وتسمى السر الأعظم Major Arcana، ولهذه الأوراق ترتيب معين يمكن للملمين بالتاروت أن يجدوا فيها قصة كاملة.


أصل التسمية
اختلفت أصول التسمية فمنهم من يعتبر أن كلمة تاروت مركبة من كلمتين هما ( تا ) و ( رو ) وهي كلمة هيروغليفية تعني الطريق الملكي في مصر القديمة، أما البعض ذكر أن كلمة Tarot هو مقلوب كلمة ( توراة ) Torat في إشارة إلى كتاب التوراة السماوي وقيل أيضاً أن أصل الكلمة هندي وهي كلمة ( تارو) Taru التي تعني البطاقات أو الأوراق، وآخرون يقولون أنها ( تارا ) Tara اسم أم الآلهة الهندوسية. وقيل أيضاً أنها مأخوذه من كلمة ( روتارو) وهى كلمه لاتينية تعني الدائرة بينما آخرون يقولون أنها ترجع لكلمة ( تارو ) وهو نهر يسير في شمال إيطاليا وأنها كانت من أوائل المناطق التي انطلقت منها أوراق التاروت.


ظروف النشأة
الظهور الأول لهذه الأوراق كان فى مصر الفرعونية حيث يقال أن كهنة مصر الفرعونية دونوا فيها كل أسرار حضارتهم التي أحسوا باقتراب إندثارها وكان ذلك حوالي العام 1000 قبل الميلاد ، ويقول الدكتور جيراز انكورس أن حكمة مصر القديمة والعالم القديم مدونة على هذه الأوراق برموز تنير المستقبل للحضارات التي ستأتي من بعدها ، وانتقلت تلك الأوراق الى قلعة في عكا من منطقة أهرامات مصر وبعدها وصلت إلى أوروبا وإلى انكلترا بالتحديد عن طريق جماعات الغجر ، وصنع أول تاروت في اوروبا فى عهد الملك هنري الرابع.
ويعتقد آخرون أنها لم تأت من مصر الفرعونية بل أنها أوراق هندية قديمة كانت تصور في الأصل أشكال متعددة لبعث الإله فيشنو عند الهندوس حيث استخدمت تلك الصور لتعليم الناس عن ” الحقيقة المعمقة” ومن المحتمل أن الغجر نقلوا تلك الأوراق الهندية في قوافلهم من الهند وليس من مصر، ويبدو أن الغجر دمجوا تلك الصور في أوراق لعب وطوعوها لاستخداماتهم في قراءة الطالع ، فجعلوا منها أدوات لقراءة الطالع أو التنبؤ بمستقبل الشخص.


ومن ناحية أخرى يعتبر العرافون قراءة التاروت مرآة بمعنى أنها إنعكاس خارجي للحالات الداخلية النفسية والعاطفية والحلمية في الشخص ، وخلال جلسة القراءة تعكس أوراق التاروت حالة العقل وأن كل ما نجده في الأوراق المختارة يعكس ما داخل الشخص وتتصل بحالته العاطفية عند تلك اللحظة بالذات
– كما عكف عدد من الباحثين والعلماء على دراسة تلك الاوراق لكنهم لم يصلوا الا لعدد قليل من النتائج ، ومنهم الدكتور يونغ تلميذ سيجموند فرويد رائد علم النفس الشهير فأعلن رأيه أن التاروت هو أسلوب لتنمية الحدس واتباع منهج علمي يلائم وجود الانسان فى هذا الكون، ويقول العالم ليفي : ” إن التاروت يتيح لمن لم يرَ العالم قط أن يمتلك المعرفة الكاملة بالكون ويتحدث في كل المواضيع ببراعه ” ، وقام ستيوارت كابلان بتأليف كتاب بعنوان ” اسمع اوراق التاروت ” يتحدث فيه عن لغز هذه الاوراق مكوناتها.-

إنتشار التاروت ومحاولات حظره من قبل الكنيسة

عندما وصلت أوائل أوراق التاروت إلى أوروبا جلبت معها فكرة أساسية مفادها أنه يمكن إكتشاف الله والحصول على المعرفة من ضمن الذات، لذلك سرعان ما شجبتها الكنيسة في العصور الوسطى وخصوصاً أوراق السر الأعظم والتي بدا أنها تتحدى سلطة الكنيسة، وفي 1378 منعت أوراق التاروت في ألمانيا، وفي عام 1381 أدين كل من استخدمها في مرسيليا، وفي عام 1423 ،حظر سان باندرينو من سيينا استخدامها، وسبب فشل الكنيسة في فك رموز التاروت قررت أن التاروت لم يأت من مصر أو الصين أو الهند أو بلاد فارس بل أتت مباشرة من الشيطان نفسه، فهو من عمل الشيطان، وربما ساهمت إجراءات الحظر والإتهامات إلى حد كبير في إنتشار أوراق التاروت حتى يومنا هذا، وفق مبدأ: كل ممنوع مرغوب.

التاروت في العالم العربي وخطورته
بدأت قراءة التاروت تظهر في العالم العربي منذ زمن ليس ببعيد حيث أنها أصبحت أكثر رواجاً في مصر وبلاد المغرب العربي. وقد برز أن الشباب غالباً ما يلجؤون إلى مثل هذه القراءات لاستشراف مستقبلهم المالي والمهني، أما الفتيات فهن الفئة الأكثر استهدافاً من قبل العرافين وذلك بحجة إعادة الحبيب أو الانتقام منه وفك السحر والزواج والإنجاب وما إلى ذلك…
أما في لبنان فقد بات لجوء الناس لاستشراف مستقبلهم من خلال أوراق التاروت خلال السنوات الست الماضية يشكل ظاهرة اجتماعية بارزة لدى مختلف أطياف المجتمع اللبناني، حيث تقول سارة عيد والتي تعتبر من أهم قراء التاروت في لبنان أن التاروت مرتبط بعلم فيزياء الكم – وهي النظرية التي تهتم بدراسة سلوك المادة والضوء في المستوى الذري والدون ذري (أي بأبعاد تُقاس بالنانومتر على الأكثر).

عدا عن أن هذا النوع من الممارسات يعمل على تجميد العقل وتحجره لاعتماده على التنجيم في سيرورة الحياة، تكمن خطورة هذه الأوراق في كونها ملأى بالرموز الماسونية، والرسائل المبطنة والمشفرة التي تزرع في العقل الباطني فكرة انعدم وجود الله بل أن ما يحكم الكون والبشر هي مجموعة من العوامل الكونية المختلفة والأرواح التي تنقسم ما بين أرواح محبة وأخرى شريرة تعمل على إيقاع الإنسان تحت تأثير السحر بأشكال شتى.
لذلك ومن هذا المنطلق لا بد للسلطات المعنية سواء كانت دينية أو اجتماعية أو رسمية العمل على دراسة تأثير هذا النوع من التنجيم والذي يصر البعض على تسميته “علماً” على البنية الاجتماعية والدينية في المجتمع للحد من انتشارها والعمل على توعية الناشئة من خطر الانزلاق في هذا المستنقع الذي يهدم العقل والإنسان………

Whatsapp