“تكويعة” جنبلاط الاخيرة… فتشوا عن التعيينات

Whatsapp

طوني خوري_النشرة

بالشكل العام، يبدي الجميع في لبنان حرصهم وهمّهم على التخلص من وباء ​كورونا​، واعطائهالاولوية على ما عداه من امور ومشاكل وتعقيدات سياسية واقتصادية. لكن في الواقع، تختلف الامور بشكل جذري، ودم “الخلافات السياسية والنفوذ” الذي يسري في عروق السياسيين والمسؤولين اللبنانيين، لن ينقلب على ما يبدو بين ليلة وضحاها. ليس رئيس ​الحزب الاشتراكي​ ​وليد جنبلاط​ اول من دخل هذا المسار، وهو بالطبع لن يكون الاخير، ولكنه اتخذ قراراً بالانتقال من ضفة “المهادنة” الى ضفة “المواجهة” مع الحكومة ورئيسها ​حسان دياب​. من المسلّم به ان الحكومة واعضاءها ليسوا من “القديسين”، وانهم وقعوا في اخطاء كثيرة، وكاد القطار الحكومي ان يتدهور عند اول مفترق امتحان سياسي تمثّل بالتعيينات، ولكنه تجاوزه بفعل “تكبير” دياب لحجر الشروط والآلية وغيرها من الامور التي تتطلب وقتاً طويلاً لتحقيقها، والاهم انها تتطلب توافقاً سياسياً غير موجود بعد. ولكن، على الرغم من كل ذلك، كان من المفترض ان تبقى “الهدنة” غير الرسمية المعلنة بين مختلف الاطراف، من اجل تمرير فترة كورونا وتداعياته، الا ان الحسابات السياسية فرضت نفسها واوجبت التدخل بشكل عاجل وعلني لـ”غربلة” المواقف والاتجاهات والافرقاء.

وهكذا، بسبب ملف التعيينات المتفجّر، انضم جنبلاط الى غيره من المسؤولين الرسميين والحزبيين والسياسيين ووجد نفسه مجدداً وقد بات ظهره الى الحائط في مسألة التعيينات التي يرى انها ستضعه خارج الطاولة السياسية المعهودة التي لطالما كان عليها منذ عقود، فاستلّ سلاحه الكلامي ووجهه الى “اعداء” السياسة اللدودين وفي مقدمهم بطبيعة الحال رئيس ​التيار الوطني الحر​ ​جبران باسيل​، ورئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​، وبعض النواب، وقد اضاف اليهم حديثاً رئيس الحكومة متوجهاً اليه بالشخصي ليبرز ان المشكلة معه باتت كبيرة ولا يمكنه السكوت عنها، وانه يراها قضيّة استهداف سياسي له. التحالف الجديد لجنبلاط هو قديم فعلياً، لكنه كان متقلّباً بين فترة واخرى، قبل ان يعود الى الاستقرار في الوقت الراهن مع رئيس ​تيار المستقبل​ ​سعد الحريري​ ونادي “رؤساء الحكومات السابقين”، وحزب “القوات اللبنانية”، والعديد من الاحزاب الاخرى التي يجمع بينها قاسم مشترك اساسي هو عدم الاتفاق مع باسيل (ويبدو ان دياب ايضاً غير بعيد عن هذا المنحى، انما بنسبة اقل)، وقواسم اخرى مشتركة تتمثل بالحصص الواجب الحصول عليها من قبل الجميع دون استثناء، وعدم ابقاء ايّ احد خارج هذه الجنّة. ولكن المؤلم في المسألة ان الجميع يتناسى انّ الزمن تغيّر، وان ما كنا نتمتع به قبل الازمة الاقتصادية وزمن كورونا، لم يعد هو نفسه بعدهما، ولم تعد هذه “الجنة” مغرية كما كانت من قبل، لانها باتت مهددة بالتحول الى ارض قاحلة.

ويدرك دياب انه لم يعد في مأمن، لذلك توجه الى رئيس الحكومة السابق ​سليم الحص​، ليبعث رسالة من شأنها ان تعيد حسابات البعض، ليقول بأنه عازم على المواجهة، لانه هو ايضاً لم يعد لديه ما يخسره، وسيضع رهانه على الوقوف في وجه من يستهدفه، وان زيارته للحص توحي للبقيّة التي لا تعارضه او تقف على مسافة واحدة من الجميع، بأنه يرغب في تكون شخصيّته المستقلّة ولو كلّف الامر مواجهة كل الافرقاء. انما في الامر مبالغة بعض الشيء، اذ في ظل هذه الظروف الحرجة، لا قدرة لدياب على الوصول الى هذه النقطة حتى لو اراد ذلك، ولا بد من تكوين تحالفات سياسية مع احزاب وتيارات تسمح له بمواجهة معارضيه، ليدخل بذلك في زواريب السياسة والتحالفات والتي قد تفرض حتماً تسويات من هنا وهناك.

كلما ازدادت حدة المعارضة لدياب، كلما خفّت حظوظه بالظهور كشخص بعيد عن السياسة وحساباتها، وقد ينتهي الامر الى ان يدخل حلبة النزاع برفقة افرقاء آخرين كي تعلو حظوظ انتصاره، الا ان الثمن لن يكون رخيصاً.

Whatsapp

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*