ايها اللبنانيون . ودعوا البيض فهو ذاهب نحو الانقراض

Whatsapp

في جولة على السوبرماركت، ومنذ نحو أسبوع، لوحظ نقص كبير في البيض. وتشهد الأسواق ارتفاعاً بسعر البيض وعدم التزام بالسعر الثابت، أي 12500 ليرة للكرتونة، الذي حدّده كلّ من وزير الزراعة ووزير الاقتصاد. في إحدى السوبرماركات، يقول مدير المشتريات: “لم يسلّمني أحد من التجار البيض منذ نحو أسبوعين، والمزارعون بدورهم لم يسلّموها كي لا يخسروا”. يلقي هذا التقرير الضوء على سبب النقص الحادّ في البيض.

” لن نسلّم البيض بسعر 12500 حتى ولو تُلِف الرزق كلّه، إلى أن يرفع وزير الاقتصاد سعر البيض ويضع له سعراً مقبولاً ما بين 15 و16 ألف ليرة للكرتونة. نحن نعارك، وأكاد أن أجزم أنّ قطاع تربية الدواجن مستهدف، عائلاتنا ستتشرّد إذا ما استمر الوضع على هذه الحال”، يقول أحد المزارعين الذين ينتجون البيض ويسلّمونه إلى التجار.
وفي السؤال لماذا لا يسلّمون التجار البيض، أجاب المزارع: “لأّن كلفة تربية الدجاجة باهظة على سعر الدولار العالي، من أدوية ولقاحات وعلف، وتكلّف بين 9 و10 دولارات كي تبيض، هذا قبل الدعم. أمّا اليوم إذا أردنا بيع كرتونة البيض بأقلّ من سعر الكلفة بـ 2000 أو 3000 ليرة، كيف يمكن أن نسترد رأس مالنا؟” يسأل المزارع. وبرأيه، ليس هناك دراسة مفصّلة لفرض 12500 ليرة على كرتونة البيض.

ويشرح أنّ وزارة الاقتصاد دعمتهم منذ نحو شهر ونصف الشهر، لكن “أخدنا من الجمل أذنه”، و”إذا كان لدي مزرعة فيها 60 إلى 70 ألف طير، أذهب إلى الوزارة وأنتظر حاملاً قسيمة شرائية لطلب العلف، أليس هذا ذلاً؟ هذا ليس دعماً، والدعم صبّ في مصلحة التجار الكبار وليس نحن، فهم سرقوا الأعلاف وخزّنوها”.

من جهته، يشرح رئيس النقابة اللبنانية للدواجن، موسى فريجة، أنّ وزيري الاقتصاد والزراعة حدّدا سعر كرتونة البيض للمستهلك بـ 12500 ليرة. والمزارعون احتجّوا باعتبار أنّهم لن يستردّوا كلفتهم بهذا السعر. وقد “اقترحنا على الوزيرين أن يكون سعر مبيع كرتونة البيض 14500 إلى 15000 ليرة”، وبهذه الطريقة، يربح المزارع 1000 ليرة بكل كرتونة بيض، وذلك بعد الدعم على العلف. لكن عندما أصرّ وزير الاقتصاد على سعر 12500 للكرتونة، أوقف معظم المزارعين الذين ينتجون البيض بيعه ولم يسلّموا التجار، ومَن سلّم البيض سلّمه بسعرٍ مرتفع، ووصل سعر الكرتونة في هذه الحال بين 18 و20 ألف ليرة.

وقد “أرسلنا كتاباً جديداً أمس إلى الوزارتين المذكورتين، نقترح فيه أن يُعاد النظر في القرار الأول، وتحديد سعر الكرتونة بـ 14900، ويمكن بذلك للمزارعين أن يؤمنوا البيض. ويؤكّد في هذا الإطار أنّ المزارعين فعلاً مغبونون ببيع البيض بـ 9500 و10000ليرة ليصل إلى المستهلك بـ 12500 ليرة. و”أعتقد أنّه إذا ما باع المزارع كرتونة البيض بـ 12000 لتاجر الجملة، قد يصل السعر إلى 14900 ليرة، حسب اقتراح النقابة اللبنانية للدواجن.

ويسرد أنّ التاجر الذي يستورد شحنة ذرة أو صويا مدعومة، مطلوبٌ منه التصريح لوزارة الاقتصاد قبل أن يطلب طلبية جديدة، لمن باع العلف، بواسطة الترتيب الذي حصل مع وزارة الزراعة. فالوزارة فرضت “بون تعريف” لكلّ مزارع يريد الاستفادة من العلف المدعوم، بالكمية التي اشتراها والكمية التي هو بحاجة إليها وكم يحقّ له أن يطلب من العلف. وهذه العملية مضبوطة، ولأوّل مرة نرى هذا النوع من الانضباط، ومن المفترض أن يأخذ المزارعون حقّهم، ومَن لا يستطيع الحصول على العلف المطلوب من التاجر، عليه أن يشتكي في وزارة الاقتصاد ويلاحق حقه، بحسب فريجة.
“المزارعون لا يريدون أن يسلّمونا البيض على سعر مبيع 12500 للمستهلك، ووزير الاقتصاد مصرّ على هذا السعر”، وفق مدير مؤسسة مزارع حرقوص للدواجن، خليل حرقوص. وبدأت هذه المشكلة مع دعم أعلاف الدواجن، فسعر البيض عادةً منخفض جداً، وكان يصل سعر كرتونة البيض ذات الـ30 بيضة، 3 دولارات قبل أزمة الدولار. لكن بعدها، ارتفع سعر البيض، وهو يخضع إلى العرض والطلب.

وبرأي حرقوص، الدراسة التي اعتمد عليها وزير الاقتصاد ليست صحيحة، فإذا ما بيعت كرتونة البيض للمستهلك بـ 12500ليرة، ذلك يعني أنّها تُشترى من المزارع بـ 9000 ليرة، فالبيض يمرّ بأربعة مراحل ابتداء من المزارع وصولاً إلى المستهلك، وفي كل مرحلة هناك ربحٌ للمسؤول عنها، لذا على سعر 9000 ليرة، ورغم الدعم، يكون المزارع خاسراً.
بعد أزمة الدولار، دُعِمت الأعلاف للمزارعين، والصغار منهم، إذا ما حصلوا على الأعلاف، يحصلون على كمية ضئيلة لا تُذكَر، والنسبة الكبيرة منها تذهب إلى المزارع الكبرى. وما دُعِم من الأعلاف هو الصويا والذرة، لكنّ هناك أصنافاً عديدة ضمن المستلزمات الزراعية هي غير مدعومة، كالأدوية وطُعم الطيور. وبالحدّ الأدنى، يجب أن يبيع المزارع كرتونة البيض في المزرعة بـ 12500 ليرة ليستردّ تكاليفه فقط، على ما يقول حرقوص.

“نحن كتجّار، أوقفنا عملنا منذ أسبوعين”، فهناك مشكلة أخرى هي أنّ المزارع يرفض تسليم البيض للتاجر إلّا بالدولار، وهناك حديث عن توجّه وزير الاقتصاد إلى رفع سعر كرتونة البيض إلى 15000، لكنّنا سنقع مجدداً في المشكلة نفسها لأنّ الدولار يرتفع، مثلاً اليوم ارتفع عن 8000 ليرة. وأساساً، لا يمكن تثبيت سعر البيض، فله أوزان مختلفة ويختلف وزنه من كرتونة إلى أخرى، فلكلّ وزنٍ سعر، وهناك أنواع من البيض، الأحمر والأبيض والبلدي والزراعي”، بحسب حرقوص.
ويعتبر حرقوص أنّهم كتجار يسلّمون السوبرماركت البيض، هم الحلقة الأضعف في هذه المشكلة. وقد اجتمع مع مدير عام وزارة الاقتصاد الأسبوع الماضي وطرح عليه إيقاف الدعم عن المزارعين وترك سوق البيض للعرض والطلب.
وفي اتصالٍ مع مدير عام وزارة الاقتصاد محمد أبو حيدر للاطلاع على ما آل إليه الاجتماع الذي جمع وزيري الاقتصاد والزراعة، اليوم، للبحث في سبل حلٍّ لهذه المشكلة، أكّد أبو حيدر أنّه سيعقد نهار الخميس اجتماعاً مع المزارعين والتجار للبحث في حلّ هذه الأزمة.

 

Whatsapp