شمالاً: البنزين بالغالونات على الطرقات والمحطّات فارغة

كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”: 

نوعٌ جديدٌ من أنواع التجارة أو محلات البيع أضيف إلى ما هو موجود في السابق، فرضته الأزمة المستفحلة في المحروقات لا سيما البنزين والمازوت. هذه التجارة هي تجارة بيع البنزين بالغالونات، التي تنتشر في كل مكان في عكار، فصار لها محلاتها الجديدة وبسطاتها المنتشرة على الطرقات، بالإضافة إلى تواجدها مع محلات وبسطات أخرى أيضاً، وعلى سبيل المثال لا الحصر عند بائعي القهوة، الخضار والفواكه، المواد الغذائية، البلاستيك والأواني، الـ”وان دولار”، السوبرماركت على أنواعها … كل هؤلاء وغيرهم أيضاً، لديهم بسطات للبنزين بالغالونات 8 ليتر للبيع على الطرقات وضمن المناطق.

في عكار محطة أو اثنتان أو ثلاث كحدّ أقصى، تقوم بتعبئة البنزين ضمن أوقات محددة، لا سيما في فترات الصباح ولـ”سويعات” قليلة، ومن لم يستطع أن يدبّر نفسه في تلك الفترة عبر الوقوف في الطابور الطويل وتأمين بعض البنزين بـ 20 ألف ليرة أو أقل، فعليه أن يلجأ إلى السوق السوداء أي غالونات الطريق، هذه السوق التي لم تعد سوداء بل تحوّلت سوق بيع بكلّ ما للكلمة من معنى، وقد تصبح المحطات المنتشرة والمقفلة هي السوق السوداء بعد مدّة، مع انتشار هذه الظاهرة بشكل كبير وواسع من دون أي حسيب أو رقيب. سعر غالون 8 ليتر بنزين على الطرقات 30 ألف ليرة والبعض الآخر يبيعه بـ 35 ألف ليرة، بينما السعر الرسمي للتنكة 20 ليتراً لا يتعدّى 40 ألف ليرة، ما يعني أن سعر تنكة الـ 20 ليتراً لدى هؤلاء الباعة قد يصل إلى 80 ألف ليرة، وبالتالي يكون هؤلاء قد رفعوا الدعم عن البنزين والمازوت حتى قبل رفعه من قِبل مصرف لبنان.

في المنية الشمالية يتكرّر المشهد العكّاري أيضاً ولو بوتيرة أخفّ. محطات مقفلة وبنزين ومازوت على الطرقات، كل ذلك والدولة وأجهزتها الرقابية في غياب تام، في زمنٍ لم يعد فيه للدولة أي هيبة؛ وكأنها قد سلّمت للأمر الواقع بأنها صارت مجرّد بعض مؤسسات تتلاشى وأجهزة رقابية كانت موجودة ذات يوم من الأيام.

الفوضى العارمة في مسألة البنزين في عكار والمنية يتابعها الناشطون على وسائل التواصل الإجتماعي بكثير من السخرية والتهكّم ممّا وصلت إليه الأوضاع. فطالب أحدهم الدولة “بإقفال وزارة الطاقة وإنشاء وزارة لأصحاب الغالونات، بينما طالب آخر الدولة “بشراء البنزين من غالونات الطريق وبيعه للمحطات لتعاود فتح أبوابها” في حين اعتبر ثالث “أن البنزين الذي ينتشر على الطرقات يكفي لتشغيل 20 محطة”. وتهكّم أحدهم من إدخال موضة القناني الصغيرة على الخطّ بالقول “بلشوا يبيعوا البنزين بقناني مي زغيرة… اسبوعين تلاتة بيصيروا يعطونا شمّة”.وبين من يجد لهذه الظاهرة أهميتها لأنها توفر البنزين في وقت “القطعة”، وبين من يعتبر أنّهم بهذا العمل يحرمون الناس من حقّهم في البنزين عبر المحطات بهذا الشكل الإستغلالي، لا يجد أحدٌ حتى اللحظة الجواب الشافي لهذه الظاهرة ومن أين يأتي هؤلاء بكل هذا البنزين فيضعونه على الطريق بهذه الكميات وبهذه الجرأة؟ هناك تكهنات وأحاديث تهمس عن ضلوع بعض الأجهزة الأمنية أو التابعين لها بتأمين البنزين لهؤلاء (من لبنانيين وسوريين) ومدّهم به، لبيعه بهذه الطريقة وتحقيق الأرباح المضاعفة، وهناك من يتّهم أصحاب المحطات بتزويد هؤلاء بالبنزين لتحقيق الأرباح، وغيرها من التكهّنات التي لن يستطيع أحدٌ الإجابة عليها أو حتّى ردعها إلا الدولة، في حال قرّرت أن تقوم بواجباتها قبل أن تتحوّل هذه التجارة مهنة كاملة شاملة، ويصبح لها نقابتها (نقابة بائعي غالونات البنزين) ومنتسبوها، ومن يدري لعلّ هذا الأمر يتحقّق قريباً!