نفترض نحن البشرَ أننا نحكم الأرض من خلال أدواتنا المتقدمة واللغة وحل المشكلات والمهارات الاجتماعية وقدرة الافتراس الأعلى لدينا، لذا فنحن النوع المهيمن على الحياة بهذا الكوكب. ولكن أي نوع من أنواع الحياة هو الأكثر انتشاراً على الكوكب؟ أو على الأقل من ناحية الحجم والكم؟
قد تختلف الإجابة للوهلة الأولى، بين من قد يعطي هذا التاج للإنسان الذي أحكم قبضته على كوكب الأرض وكائنات أخرى تعمل في صمت وتنتشر خارج رادار البشر.
إذا نظرنا إلى الأمر من ناحية حجم الانتشار، فإن النبات هو المسيطر الأكبر بكل بساطة؛ تستخدم العديد من أدوات حسابات الحياة على الأرض التنوع البيولوجي كمقياس وتحسب ببساطةٍ عدد الأنواع.
تعداد جديد يعتمد على الكتلة الحيوية قام بتجميع بيانات من مئات الدراسات لتحديد الممالك والفئات والأنواع التي تحمل أكبر ثقل عالمي.
وأظهرت النتائج التي نُشرت في دورية Proceedings of the National Academy of Sciences USA الأمريكية العلمية، أن النباتات (بشكل أساسيّ، تلك الموجودة على اليابسة)، تمثل 80% من إجمالي الكتلة الحيوية، مع وجود البكتيريا بجميع النظم البيئية في المرتبة الثانية بنسبة 15%.
ونجحت بيانات الأقمار الصناعية عالية الدقة والتحسينات بالتسلسل الجيني في إجراء مثل هذه القياسات من خلال تقديم تقديرات أكثر دقة، لكن عدم اليقين لا يزال مرتفعاً بالنسبة لأشكال الحياة التي يصعب حسابها مثل الميكروبات والحشرات.
على سبيل المثال، حيوان الكريل في القطب الجنوبي، وهو نوع من القشريات الصغيرة التي تشبه القريدس ويأكلها الحوت، يحتوي على كتلة حيوية إجمالية مماثلة لتلك التي لدى البشر.
هذا الأخير يشكل فقط 0.01% من إجمالي أشكال الحياة على الأرض، لكنه لا يزال يتفوق على جميع الثدييات البرية، حسب مجلة Scientific American.
بدورها، تهيمن الماشية أيضاً: فالدجاج، على سبيل المثال، يمثل 3 أضعاف الكتلة الحيوية للطيور البرية، وقدَّرت الدراسة أن البشر قللوا الكتلة الحيوية للثدييات البرية 6 أضعاف والنباتات مرتين، من خلال الصيد وإزالة الغابات.
الكائنات الأكثر انتشاراً
يمكن العثور على 6000 نوع معروف من هذه المفصليات عديمة الأجنحة في جميع أنحاء العالم/ Istock
“سبريجتيل” الكائنات الأكثر انتشاراً على الأرض
أما إذا كانت الهيمنة على العالم عبارة عن لعبة أرقام، فإن الكائنات سداسية الأرجل المسماة “سبرينجتيل”، فتوجد بنحو 10000 لكل متر مربع من التربة، وقد يرتفع الرقم إلى 200 ألف لكل متر مربع في بعض الأماكن.
يمكن العثور على 6000 نوع معروف من هذه المفصليات عديمة الأجنحة في جميع أنحاء العالم، من الشواطئ والمنحدرات إلى القطب الجنوبي وأعلى سلاسل الجبال على الأرض.
سُميت هذه المفصليات بـ”ذيل اللفة”، لأنها تعيش على الأسطح ولديها عضو ينبض يسمى فوركا على الجوانب السفلية من بطونها.
والمفصليات حيوانات ذات غطاء جسمي خارجي (أي هيكل خارجي)، ولها أزواج من الأرجل، ويتكون الهيكل الخارجي من صفائح قاسية تلتقي عند مفاصل مرنة، وبالتالي تختلف عن الحشرات.
يسمح لها هذا العضو (فوركا) بالقفز حتى 10 سم للهروب من الحيوانات المفترسة، ومن سماتها المميزة للمجموعة أن لديها أنبوباً على بطونها لامتصاص الماء، ويمكن من خلاله إخراج مادة لزجة لمساعدتها على الالتصاق بالأسطح.
إلى جانب الفطريات، تعمل هذه المفصليات على تسريع إعادة تدوير النباتات الميتة إلى مغذيات قابلة لإعادة الاستخدام.
تختلف أهميتها في هذه العملية على نطاق واسع وفقاً للبيئات الطبيعية المختلفة ووجود أو عدم وجود مُحلِّلات أخرى مثل ديدان الأرض.
لكن بعض التقديرات تشير إلى أنها مسؤولة عما يصل إلى 20% من تحلل القمامة في بعض الأماكن.
كانت توصف بأنها أكثر الكائنات وفرة على وجه الأرض، ومع ذلك كشف تحليل حمضها النووي أنها من أقارب الحشرات.
الكائنات الأكثر انتشاراً
يتحكم النمل في كل ملليمتر من سطح الأرض أينما يعيش/ Istock
النمل أكثر الحشرات انتشاراً
ومن هنا فإن النمل يأتي في المرتبة التالية، مع تقديرات بأن عدده يتخطى عشرات التريليونات، وإن كان العدد غير مؤكد بالتأكيد، فإن من المؤكد أنه أكثر الحشرات انتشاراً على وجه الأرض.
وعلى الرغم من تفوُّق مفصليات “سبرينجتيل”، فإنها تتمتع بسلطات أكبر بكثير للتأثير على البيئات التي تعيش فيها، حسب BBC Earth.
ويقول عالِم الحشرات في معهد سميثسونيان الأمريكي مارك موفيت، بكتابه Adventures Of Ants: “يتحكم النمل في كل ملليمتر من سطح الأرض أينما يعيش، وهو معظم الأماكن.. تتم إدارة هذه المناطق بشكل دقيق بواسطة النمل، الذي يغير أو يزيل الأشياء حتى على المستوى الميكروبي لصالحه”.
الكائنات الأكثر انتشاراً
إذا نظرنا إلى الأمر من ناحية حجم الانتشار، فإن النبات هو المسيطر الأكبر بكل بساطة/ Istock
وتبقى النباتات سيدة هذا الكوكب
وأخيراً، إذا تركنا البكتيريا خارج هذه الحسبة، فقد قُدرت الكتلة الحيوية للنباتات على الأرض بنحو 1000 مرةٍ أكثر من الحيوانات.
وبينما قد تكون أشكال الحياة الأخرى أكثر حزماً بشكل واضح أو أكثر تنوعاً، فإن الغالبية العظمى لا يمكن أن توجد دون الأكسجين الذي توفره النباتات من خلال عملية التمثيل الضوئي.
أما النباتات المزهرة، فهي تشكل نحو 90% من جميع أنواع النباتات وتغطي نسبة كبيرة من مساحة الأرض، وتمثل كتلة حيويةً أكبر بكثير من الحيوانات الأرضية، وتوفر الحشد الهيكلي للغالبية العظمى من النظم البيئية القائمة على الأرض.