وزير التربية عبر ضروري نحكي: على المدارس إعادة درس موازناتها وإلا…

على وقع هاشتاغ #امتحانات_الموت الذي أطلقه الطلاب رفضاً لقرار إنهاء العام الدراسي والإبقاء على إجراء الامتحانات الجامعية في ظل الظروف الصحية الاستثنائية التي تمر بها البلاد، حلّ الملف التربوي بمستجداته، ومشاكله بقوة على طاولة ضروري نحكي هذا الأسبوع. فمن ترحيل العام الدراسي، إلى هواجس الأهالي، ومصير الأقساط والإفادات وحقوق المعلمين، إلى العديد العديد من الرسائل التي حمّلها الأهالي والطلاب والمعلمين للإعلامية داليا داغر لطرحها في الحلقة ومناقشتها بموضوعية مع وزير التربية طارق المجذوب. وتضمنت الحلقة مداخلات عديدة مع معنيين للإحاطة بكامل جوانب الملف، مع كلٍ من النائب إدغار طرابلسي، نقيب المعلمين في المدارس الخاصة رودولف عبود، أمين عام المدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازار، رئيس مدرسة سيدة الجمهور الأب شربل باتور، ومسؤولين من لجان الأهل، عبدو جبرايل والمحامي سليم ماضي، والمسؤول عن مدارس السينودس الإنجيلي الدكتور جوني عواد.

 

مقدمة ضروري نحكي

استهلت داغر برنامجها بتأريخٍ متدرج لمدارس لبنان وجامعاته التي باتت مهددة اليوم بالأقفال بسبب لوضع الاقتصادي والنقدي، وقالت: “مؤسساتٌ تربويةٌ لعبت دورًا رائدًا في تشكيلِ النُخَبِ المثقفةِ وتصديرِ العلمِ والمعرفةِ. هي ليست مجردَ تواريخَ تُحفَظُ في الكتبِ، بل قصةُ تاريخٍ تراكميٍ لأكبرِ الصروحِ التعليميةِ في الشرقِ الأوسط في بلدٍ صغيرٍ كلبنان. هي قصةُ لبنانيينٍ حملوا شهاداتِهم الى كلِ العالم وشكَلَ جزءٌ كبيرُ منهم مراجعَ علميةً استفادت منها الدولُ الغربيةُ”.

وأضافت: “المفارقةُ هنا أن كلَ ذلك لم يأتِ بالمجّان. ففي كلِ بلدةٍ لبنانيةٍ ألفُ حكايةٍ وحكاية عمَّن باعَ أرضَه ليعلمَ أولادَه، ومن صرفوا كلَ ما يملكوه لئلّا يُحرمَ أبناؤهم من العلمِ، فلطالما حظيَ العلمُ بالأولويةِ المطلقةِ عند اللبناني. لكن هذا الصرحَ الكبيرَ؛ الذي شيّدَهُ المعلمُ بطرس البستاني من تحتِ سنديانتِه الشهيرةِ بات مهددًا بكلِ ما فيه من ارسالياتٍ ووظائفَ وتلامذةٍ وطلابٍ اليوم”.

وختمت داغر: “نحن نعيشُ حرباً باردةً طاحنةً بين دكاكينَ متنوعةٍ ومتعددةٍ لا تريد شيئًا سوى إحراقِ البلد للقولِ إنه احترقَ في عهدِ الرئيس ميشال عون، وبين أصحابِ الإرادةِ الصلبةِ بمنعِ هؤلاء من تحقيقِ هدفِهم. وإذا كنا في الملفِ التربوي متفائلين بقدرةِ المؤسساتِ العريقةِ على الصمودِ في وجهِ الأزماتِ، فإننا في السياسةِ نتفاءلُ أيضاً بخروجِ البلدِ أقوى اقتصادياً مع نظامٍ اقتصاديٍ إنتاجيٍّ يؤسسُ لمستقبلٍ أفضل بكثير”.

 

وزير التربية طارق المجذوب

دعا وزير التربية طارق المجذوب عبر ضروري نحكي إلى ما أسماه “العَونة التربوية” لمساعدة القطاع التربوي في محنته، وكشف أن الوزارة بصدد إطلاق خط ساخن لتلقي شكاوى المواطنين، وفي إطار إعداد بروتوكول صحي نفسي تربوي في الوزارة لاستدراك الأمور في حال استمرار فيروس كورونا حتى بداية العام الدراسي المقبل.

وأوضح أن قرار الإبقاء على إجراء الامتحانات لطلاب الجامعات كان قراراً صحياً تربوياً، للمحافظة على المستوى التعليمي الجامعي، وتم استثناءهم من قرار الترفيع لأن إمكانية تعرضهم للإصابة بفيروس كورونا أقل من تلامذة المدارس، نظراً لأعدادهم التي هي أقل من أعداد تلامذة المدارس من جهة، ونسبةً لأعمارهم التي تجاوزت الـ 18 سنة، وبالتالي أصبحوا واعين ومسؤولين عن أنفسهم من جهة ثانية “ويتم عقد جلسات مكثّفة مع مجلس التعليم العالي، ومعنيين لمعالجة وضع الجامعات وتحسين الوضع الصحي”. موضحاً أنه تم التعاطي من نفس المنطلق مع طلاب المهني “LT – TS” لأنهم يعتبرون من طلاب المستوى الجامعي ولا بد أن يقدموا الامتحانات للمحافظة على المستوى التقني والجامعي، بينما على تلامذة الشهادات من الطلبات الحرة إجراء الامتحانات للحصول على الشهادة.

وعن ملف الملاك والتفرغ في الجامعة اللبنانية أشار المجذوب إلى أن الجامعة الوطنية تضم 82 ألف طالب، وميزانيتها السنوية تقدر بـ 260 مليون دولار فقط ومنذ 3 سنوات لم تتغيّر، بينما تستمر بالقيام بمهام أكبر من قدرتها المالية. وشدد على أن ملف التفرغ حتمي، لكن إقراره يحتاج لمزيد من الوقت ريثما يتم التدقيق بالأسماء الواردة في هذا الملف الذي تم وضعه منذ سنوات، بينما هناك أشخاص توفاهم الله أو هاجروا… ولا زالت أسماؤهم واردة في الملف.

ولفت إلى مشكلة نقص أساتذة الملاك في التعليم الأساسي وفائض المتعاقدين، والتي ستستلزم نقل عدد من أساتذة التعليم الخاص إلى التعليم الرسمي لتعزيز التعليم الأساسي. وإلى أنه تم تشكيل لجنة طوارئ لمتابعة المشاكل الطارئة والعمل على حلّها، ومن بينها أزمة حقوق المعلمين المستجدة مع أزمة كورونا، ورفض الإفصاح عن الإجرءات التي سيتم اتخاذها في هذا الإطار، وفضل حصرها “بالأسرة التربوية بعيداً من الإعلام”، بينما يتم التنسيق مع وزارة الخارجية لحل مشكلة الطلاب اللبنانيين في الخارج.

وبالنسبة لملف الأقساط “طلبنا من المدارس إعادة درس الموازنة، وعلى كل المدارس أن تلتزم بالقرار، وإلا سنلجأ لقضاء العجلة وللمجالس التحكيمية”، وشدد على أن الموازنة “لا تمشي” ما لم يتم المصادقة عليها من قبل لجان الأهل. لافتاً إلى أن البطاقة التربوية موجودة في الوزارة للطالب ما قبل العام الجامعي “وندرس الآن اقتراح واسع لدعم التعليم بشكل أساسي، ووضعه في الإطار الشامل، بهدف الحفاظ على العينَتين، التعليم الرسمي والتعليم الخاص”.

وأضاف: “هناك تعاون واتفاق مع لجان الأهل على تخفيض الأقساط وبمجرد أننا وصلنا إلى محضر اتفاق بعد اجتماع اليوم، بالتعاون مع نقابة المعلمين واتحاد لجان الأهل ولجان المدارس الخاصة، نكون قد خطونا خطوة كبيرة، فالهدف هو الحفاظ على الأسرة التربوية”.

ورداً على أسئلة متفرقة أوضح المجذوب أنه وقع قرارات مساعدة المدارس الخاصة المجانية، وأن المدارس الرسمية تتفوق بالشهادات لا سيما الثانوية على المدارس الخاصة، وأن هناك مباحثات مع حاكم مصرف لبنان في ما يخص احتساب ساعات المستعان بهم بعد الظهر لتعليم اللاجئين السوريين في لبنان” وختم: “أزمة المدارس ليست وليدة الساعة بل هي مستمرة منذ سنوات، وتفاقمت مع أزمة كورونا، ولذلك أمهلونا الوقت لتسيير الأمور فكل المشاكل قيد الدرس والبحث والمعالجة”.

 

النائب إدغار طرابلسي

ولفت النائب إدغار طرابلسي إلى تقديمه اقتراح قانون البطاقة التربوية في مجلس النواب، والتي تتطالب برقم موحد للطالب من لحظة دخولة إلى المدرسة وحتى تخرجه، وذلك لمنع الغش وشراء الشهادات، ولدعم الطلاب في المدارس الخاصة “فـ 2 مليون من أصل 6 تساند كل طالب وتساند التعليم الخاص بنفس الوقت”. وأشار إلى أن هذا الاقتراح سبق وتم طرحه من قبل النائب الراحل لويس أبو شرف، وطالب بإقراره بأسرع وقت في ظل ما يشهده القطاع التربوي من أزمات.

 

نقيب المعلمين في المدارس الخاصة رودولف عبود

نقيب المعلمين في المدارس الخاصة رودولف عبود بدوره لفت إلى عدم قانونية ما يسمى بالصرف الاقتصادي للمعلمين من المدارس، ما يحتّم على المدارس منح المعلم كافة مستحقاته بما فيها التعويض والمحسومات.

وأضاف: “سنرفع إلى لجنة الطوارئ في وزارة التربية ملف تجنّي بعض إدارات المدارس بحق الأساتذة في ما يتعلق بالتعويضات المحقة لهم، فأكثر من 300 مدرسة اتُخذت بحقها تدابير لدفع الحسومات للمعلمين ومستحقاتهم، لكن للأسف لم تلتزم بعض المدارس بتطبيق القانون والتدابير المتخذة بحقها حتى الساعة”.

وأشار عبود إلى أنه ليس الهدف خنق المدارس “فنحن مع تقسيط هذه المستحقات للمعلمين وليس إعفاء المدارس منها” متوقعاً أن نشهد على عمليات صرف هائلة تحت الحجة الاقتصادية خلال الفترة المقبلة.

 

أمين عام المدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازار

وأكد أمين عام المدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازار أن الكنيسة لطالما كانت تقف لجانب أبنائها وفتياتها، لكن القوانين الجائرة من هنا ومن هناك هي التي تمسّ بمستقبل أبنائنا “فالشواذ لا يُعمم ولا يجوز أن نحكم على كافة المدارس بسبب تصرّف مدرسة أو اثنتين”.

وتابع في مداخلة له عبر ضروري نحكي: “لطالما أكدت المدارس الكاثوليكية على أن الحوار بين الأهل والمدارس وبين المعلمين وإدراة المدرسة أكثر من ضروري، وإلا نكون في صدد خيانة رسالتنا الدائمة وهي الحوار”.

ودعا عازار إلى الابتعاد عن الغوغائية والشعبويات، وإقرار القوانين المنصفة بحق التعليم، بما فيها البطاقة التربوية “التي تحل مشكلة الكبيرة، ويا ويلنا إذا صدقت التوقعات بانتقال 100 ألف طالب من التعليم الخاص إلى التعليم الرسمي غير المجهز لوجستياً لاستقبال كل هذه الأعداد”.

ورأى أن هناك حملة على المدرسة الخاصة المجانية “ونحن لا نريد أن يكون التلامذة ضحية الأقساط أو الصعوبات الاقتصادية أو عدم تهيئة المدارس الرسمية لاستقبالهم”.

 

رئيس مدرسة سيدة الجمهور الأب شربل باتور

وتحدث رئيس مدرسة سيدة الجمهور الأب شربل باتور عن تجربتهم الرائدة في التعليم عن بعد، والتي جنبتهم المشاكل المرتبطة بدفع الأقساط وغيرها، وقال: “عندما تأكدنا أن صوتنا غير مسموع لدى المعنيين، وأننا ذاهبون إلى الانهيار قمنا بحملات دولية لجمع تبرعات من خارج إطار الأقساط، فلدينا 4300 تلميذاً وأكثر من 400 موظف وأستاذ، ولذلك عملنا ليلاً نهاراً لدعم المدرسة لأننا كنا نعلم بما ستؤول إليه الأمور، لا سيما بعد قرارات الدولة التي نزلت على المدارس الخاصة كالصاعقة منذ 3 سنوات لليوم، ومن بينها القانون 46 الذي خرب لبنان وليس فقط المدارس الخاصة”.

وأضاف: “ربما تكون الجمهور آخر المدارس التي قد تنهار، لكن يمكننا القول بأن النظام التربوي بدءاً من العام المقبل سيشهد على انهيار، فالكثير من المدارس بما فيها التاريخية لن تفتح أبوابها من جديد في العام المقبل”.

وختم: “لو كان لدينا تعليم رسمي بالمستوى المطلوب في كافة المناطق لكنّا أغلقنا مدارسنا منذ زمن، وقبل أن يضع أقله نسبة 30 % من سياسيي البلد أولادهم في المدارس الرسمية فلن نعتبر التعليم الرسمي خياراً في لبنان”.

 

لجان الأهل

وشكر منسق اتحادات لجان الأهل في المدارس الخاصة عبدو جبرايل الوزير على مواقفه الداعمة لمصلحة الطلاب والاأهالي، واستدامة الأسرة التربوية، إن كان لجهة إنهاء العام الدراسي أو الامتحانات ومصلحة الطلاب ، وحفظ حقوق المعلمين، وتوزيع الخسائر والأكلاف والأعباء المالية بشكل منصف وعادل بين الأسرة التربوية. وطالب الوزير بتطبيق قرار إلغاء القسط المدرسي الثالث، لا سيما أن بعض المدارس ترفض الالتزام به، والتوصل لاتفاق يرضي الجميع “كي لا نضطر لنعي العام الدراسي المقبل منذ الآن”.

وبدوره رئيس اتحاد لجان الأهل في المدارس الكاثوليكية في المتن المحامي سليم ماضي أكد أن القرار 229 خلق مواجهة بين الأهل والمدارس ولجان الأهل، “كونه لم يحديد نسبة الأقساط، ولم يتم توحيد القسط الثالث من قبل الوزارة، فبعض المدارس أجرت حساباتها كما تريد، ما أدخلنا بهذه الجدلية” وطالب ماضي بتوضيح الرؤية حول مصير العام الدراسي المقبل من الآن لاتخاذ التدابير اللازمة في هذا الإطار.