هل احتكار “الكارتيلات” يكسر الاتفاق النفطي مع العراق ؟

هل يكسر الاتفاق النفطي مع العراق احتكار “الكارتيلات”؟
قبل أشهر بدأت المفاوضات بين لبنان والعراق على قاعدة الشراكة بين البلدين. قيل في حينها إنّ العراق مستعدّ لتزويد لبنان بالنفط مقابل الحصول على خدمات صحية وتعليمية وما الى هنالك. وبالفعل، بعد أشهر من المفاوضات والاتصالات التي بقيت في غالبيتها غير معلنة، صادقت الحكومة العراقية أمس الثلاثاء على دعم لبنان بالنفط الخام وزيادته من 500 ألف طن إلى مليون طن. خطوة يصفها أهل الاقتصاد بالمهمة جدًا في وقت تُهدّد فيه العتمة الشاملة لبنان، ويصطف فيه المواطنون في طوابير لتعبئة سياراتهم من الوقود.

ناصر الدين: الدولة تستعيد قرارها

وفيما تتكتّم مصادر رسمية لبنانية وأخرى عراقية -فاعلة على خط الاتفاق- على تفاصيله ريثما تظهر الصورة بصيغتها النهائية، يصف الكاتب والباحث الاقتصادي زياد ناصر الدين الخطوة العراقية بالمهمة جدًا، مؤكّدًا أنّ إنجاحها يتطلّب العمل في الملف بهدوء وسرية تامة لأنّ الكارتيل الذي استفاد بعشرات مليارات الدولارات في الفترة الماضية بدون جهد أو تعب يجد نفسه اليوم خاسرًا لمصدر هذه الأرباح مقابل أن تستعيد الدولة قرارها، وفي هذه النقطة تكمن أهمية الخطوة -يقول ناصر الدين- الذي يشير الى أنّ الدولة بهذا الاتفاق ستعمل لمصلحة أبنائها وشعبها وهذا ما طالب به الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله. وفق ناصر الدين، سيشكّل هذا الاتفاق مدخلًا لإنقاذ لبنان عبر المساعدات العينية التي يتطلبها الاقتصاد اللبناني خاصة تلك المتعلّقة بمصادر الطاقة من بنزين وغيره، وليس المساعدات المالية التي تأتي على هيئة أموال في الصناديق تُصرف دون أن ينتفع منها لبنان.

هل يكسر الاتفاق النفطي مع العراق احتكار “الكارتيلات”؟

أهم ما في العرض العراقي أنه يحمل مساعدات “عينية” لا مالية

يؤكّد ناصر الدين أنّ أهم ما في العرض العراقي أنه يحمل مساعدات “عينية” تصل مباشرة الى الشعب اللبناني. برأيه، فإنّ المساعدات العينية فكرة ذكية والعرض العراقي مفيد جدًا، بينما كل المساعدات المالية أغرقت لبنان بالريع. إحدى الدول الخليجية تقول إنها دفعت للبنان خلال ٩ سنوات ما يقارب الـ18 مليار دولار، إلا أنّ كل هذه المليارات لم تعد بالفائدة على لبنان رغم أنّ حاجتنا السنوية اليوم تبلغ 3 مليارات ونصف المليار دولار للمشتقات النفطية والفيول والغاز. برأيه، لو جرى دفع المليارات المذكورة لبناء معامل للكهرباء والاستثمار في البنى التحتية لكان انعكس هذا الأمر نموًا أكثر بكثير على لبنان.

ويلفت ناصر الدين الى أنّ حاجتنا السنوية من الفيول تبلغ ملياراً و400 مليون دولار، ومن المازوت مليار و600 مليون دولار مع الإشارة الى أنّ الاستيراد انخفض، ففي عام 2019 دفع لبنان فاتورة بقيمة 4 مليارات و919 مليون دولار مقابل مازوت وفيول، وفي العام 2020 دفع مليارين و160 مليون دولار ما يعني أنّ الاستيراد انخفض 55 بالمئة. وعليه، فإنّ العرض العراقي من وجهة نظر ناصر الدين يغطي ما يقارب الـ50 الى 60 بالمئة من حاجة لبنان من كهرباء وفيول. يرى ناصر الدين أننا بأمس الحاجة لهكذا اتفاقات خصوصًا أنّ غياب الكهرباء ينعكس سلبًا على العديد من القطاعات، وكلما استعجلنا بالعرض العراقي وشجعنا العرض الإيراني كلما بدأنا بوضع حد للانهيار وأصحاب الكارتيلات الذين استفادوا منذ عام 1992 حتى اليوم وجنوا ثروة خيالية على حساب الشعب اللبناني.

كارتيل موجود بين لبنان والعراق لا مصلحة له للسير بالاتفاق

ويشدّد ناصر الدين على أنّ الاتفاق مع العراق يتكامل مع طرح سماحة السيد نصر الله بأخذ النفط من إيران وبالليرة اللبنانية، وعليه يجري العمل على هذه الفكرة منذ فترة. وهنا يشير المتحدّث الى أنّ ثمة كارتيلاً موجوداً بين لبنان والعراق لا مصلحة له للسير بهذا المشروع، مع الإشارة الى أنّ لبنان بأمس الحاجة لهذه الخطوة التي تأتي في توقيت مناسب جدًا خاصة أننا نرى اليوم جهات تنذر بأنّ البنزين الى انقطاع تام وكأن أحداً في الدولة اللبنانية يقول إننا لا نريد أن نأتي بنفط وغاز خارج إطار المحاصصات والكارتيلات وعوامل القوى المستفيدة من النفط والغاز.

لإعادة تشغيل مصفاتي تكرير النفط

ويشير ناصر الدين الى ضرورة إعادة العمل وتشغيل مصفاتي تكرير النفط المعطّلتين في طرابلس والزهراني. هاتان المصفاتان مفيدتان ليس فقط للبنان بل لخارج لبنان أيضاً. يعطي المتحدّث مثالًا للدلالة على أهمية الاستثمار في هذا السياق، فيوضح أنّ مصافي التكرير تقدم مدخولًا لليونان بقيمة ٩٠ مليار دولار سنويًا فيما اليونان دولة غير منتجة للنفط. وفق حساباته، فإنّ هذه المصافي مهمة للبنان المقبل على أن يكون دولة نفطية بحيث تضاعف مداخيله وتقويها ومن المرجّح أن تضخ عليه أموالًا بما يقارب الستة الى ثمانية مليارات دولار بين تكرير داخلي وخارجي.