لا حكومة قبل حزيران..!!

“عجقة” البيانات والردود لم تقتصر في الأول من أمس، على قصر بعبدا وبيت الوسط، إذ انه بعد التصعيد غير المسبوق، توالت المواقف خارج الحدود، المتعلقة بالملف اللبناني. تصريحات باتت معروفة المضمون لكن ذات صدى غير مسموع، وهمس التلويح بالعقوبات في آذان السياسيين لم يهزهم، لأن التهويل بالعقوبات كحروب البيانات، أقوال لا ترقى إلى أفعالٍ.

أما في المواقف الدولية، فمن الولايات المتحدة التي لا تعتبر لبنان أولية في الملفات المطروحة على الطاولة حتى الآن، أعربت وزارة خارجيتها عن قلقها حيال “تطورات الوضع في لبنان”. أما أوروبياً، ففرنسا التي تحاول إنقاذ “ماء وجهها في بيروت”، أوضح وزير خارجيتها جان إيف لو دريان، أن “أوروبا لن تقف مكتوفة اليدين ولبنان ينهار”، وسعت باريس لوضع الملف اللبناني على جدول أعمال اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي بهدف حشد مزيد من الضغط الداعم لتحركها لبنانياً. أما عربياً، فدعت الجامعة العربية ساسة لبنان لإنهاء “الانسداد السياسي”، دعوة تبقى حبراً على ورق والشعب اللبناني يئن.

كل هذه المواقف المتقاطعة، رافضة للانهيار، لكن ألم يحن وقت المبادرة الحقيقة لوقفه انسياباً مع مضامين البيانات؟

“مسألة تشكيل الحكومة في لبنان مرتبطة، أكثر من عضوياً، بالملف الإيراني”، بهذه الكلمات يختصر المحلل السياسي سامي نادر قراءته للمواقف الدولية، معتبراً أن “المواقف الدولية والتصعيد المفاجئ ضد الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري كما موقف حزب الله بالإضافة إلى إعادة طرح تعويم حكومة تصريف الأعمال، يؤكد المؤكد”.

ويوضح أنه في الشهرين الماضيين، ارتفعت حظوظ حدوث اختراقات على صعيد المحادثات بين واشنطن وطهران، في حينها تمتع الحريري بدعم، كما تمت ممارسة بعض الضغوط على رئيس الجمهورية وحلفاء حزب الله، لكن اليوم انقلبت الموازين، إذ ان المفاوضات شبه مجمدة، فالجانب الإيراني يبدي الانتخابات الرئاسية على أي ملف آخر، كما يحضر الرد على الموقف الأميركي بعد طلب برفع العقوبات لم يتحقق.

أما من الجانب الأميركي، فثلاث خطوات تطبع المرحلة الراهنة، أولها رسالة يحضرها السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام يطلب من خلالها عدم العودة إلى اتفاق 2015 من دون اتفاق مكمل يشمل الصواريخ الباليستية وأنشطة إيران في المنطقة. وثانيها، التقدم بمشروع قانون للمطالبة بفرض عقوبات على كتائب سيد الشهداء التابعة لإيران، وثالثها مشروع قانون يحظر على الأميركيين تقاضي رواتب من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بمعنى آخر فرض عقوبات على الـ”lobbyist” الإيرانيين الذين يؤثرون على قرارات الرئيس الأميركي جو بايدن. “إيران بدها تقبض من الجيبة الأميركية”، ولا يهمها الجانب الأوروبي بما يتعدى تسهيل التسوية مع واشنطن.

ويعتبر نادر، أن “كل ما ذكر آنفاً بمثابة 3 إشارات تدل على مزيد من التصعيد أو غياب أي انفراج في المحادثات، بالإضافة إلى تحول بالموقف الأوروبي الذي يضع المزيد من الضغوط على إيران”، مشيراً إلى أن “كل هذا انعكس على مبادرة الحريري في لبنان، إذ ان هذه الأخيرة هي ترجمة عملية للمبادرة الفرنسية”.

وبما يتعلق بتفسير الموقف الفرنسي، يوضح المحلل السياسي، أن لو دريان بحث عن رافعات تأثير خلال اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، لا بل عن احتمال فرض عقوبات، لكن السؤال هنا، “هل ستقوم فرنسا بفرض العقوبات؟ لا أعتقد ذلك”، لافتاً إلى أن “زياراتي الرئيس الفرنسي لم تأت بثمارها على الصعيد اللبناني، إذ ان أعين الساسة كانت على الأميركيين بعد لمسهم عدم إعطاء واشنطن موافقة مباشرة على خطوات ماكرون، إذ فرضوا العقوبات على سياسيين لبنانيين عقب لقاء ماكرون بالأحزاب اللبنانية في قصر الصنوبر، والذي ضمّ حزب الله إلى طاولته.

الجامعة العربية تصدر بياناً صباح اليوم الثلاثاء، ملمّحة إلى الاستعداد للتدخّل لحلّ أزمة لبنان، لكن الدول العربية تشاهد الانهيار من دون تحريك ساكن، إزاء هذا المشهد، ويشدد نادر على أن الدول العربية لن تساعد حكومة تضم حزب الله، مشيراً أن طلب المساعدة من المجتمع الدولي لحكومة يسيطر عليها حزب الله أصبح أمراً مستحيلاً.

ويعتبر أن “الإيرانيين يمسكون بمفاصل القرارات ويحاولون شراء الوقت ليحين موعد التسوية، في لبنان كما في العراق”.

بعد مجموعة المواقف الرافضة للانهيار، ألم يحن وقت فرض الحلّ في لبنان بموافقة أممية، وهو مطلب يتردد في الشوارع اللبنانية؟ يقول نادر، “من سيفرض الحلّ، وأين مصالحه؟”، مشيراً إلى غياب الاستعداد الإيراني للقبول بأي حلّ كما القبول باقتراح البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الداعي لعقد مؤتمر دعم دولي للبنان، مضيفاً، “ليس هناك استعداد غربي أو عربي للضغط على إيران لجرها إلى طاولة المفاوضات”.

ويردف، “المفاوضات ستبدأ بالملف النووي وكل ما تبقى، ملحق، وإيران ليست مستعدة الآن للتفاوض على ملف النووي فكيف بالملف اللبناني؟ لا اختراقات ولا تغييرات قبل حزيران المقبل، موعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية”.

موقع القوات اللبنانية