يتجه معظم المواطنين في عكار، وبعض الاحياء الشعبية في طرابلس، الى الغاء ساعات الكهرباء الرسمية، اثر صدمة الفواتير التي تجاوزت المنطق والمعقول، وبلغت حدا يفوق راتب المواطن ومدخوله اضعافا ومثيرة للسخط والاستنكار.
فواتير الكهرباء تراوحت بين ثمانية ملايين ليرة لبنانية كحد ادنى، وخمسة وعشرين مليون ليرة، علما ان ساعات التغذية الكهربائية لا تتجاوز اربع ساعات، واحيانا تصل الى 6 ساعات، وتمر بعض الايام تغيب فيها الكهرباء عن المناطق العكارية كافة.
ما هو مدخول المواطن في عكار، وهي المنطقة الاكثر حرمانا وفقرا واهمالا؟ رواتب القطاع العام تتراوح بين 160 الى 180 دولارا في الشهر، وباقي القطاعات والمهن لا يتجاوز المدخول الشهري الـ 60 دولارا.
كيف تستطيع عائلات مداخيلها بهذا القدر ان تكمل حياتها اليومية، وهي عاجزة عن تسديد فواتير الكهرباء، الاشتراك في المولد، الهاتف الخليوي والارضي و”الانترنت” التي ارتفعت اعتبارا من 1 أيلول.
وبحسابات بسيطة:
– اشتراك المولد: بين 100 و 300 دولار.
– اشتراك “الكهرباء الرسمية” بين 150 و 200 دولار( أغلى من اشتراك كهرباء الدولة).
– اشتراك “الانترنت” يبدأ بـ 30 دولارا.
– فاتورة الهاتف تبدأ بـ 20 دولارا.
هذه الفواتير، دون احتساب ربطة الخبز، والمأكل والمشرب (شراء مياه صالحة للشرب)،
ودون احتساب البنزين، او المازوت، وايجار المنزل للمستأجرين… كيف يكمل الموظف حياته، وسط هذه المعمعة المالية القاسية غير المسبوقة في تاريخ لبنان؟
وما يثير الاستنكار واندفاع المواطنين الى الغاء ساعات الكهرباء الرسمية، هو ان سعر كهرباء الدولة تجاوز فاتورة الاشتراك في المولدات، فاتجه المواطنون الى تثبيت اشتراكاتهم بالمولدات، بدلا من اللجوء الى كهرباء الدولة.
باتت رواتب القطاع العام، بما فيها رواتب المؤسسات العسكرية، غير كافية لعيش كريم، الامر الذي دفع بعشرات العسكريين الى طلب تسريحهم من الخدمة ومتنازلين عن مستحقاتهم المالية، على امل التسريح بهدف الهجرة او العمل في قطاعات خاصة، خاصة المتزوجين منهم الذين ترتفع لديهم فواتير النفقات على اطفالهم، عدا الغلاء الفاحش وتفلت اسعار الخضر والمواد الغذائية غير الخاضعة للرقابة والمتابعة، لغياب الدولة بمختلف اجهزتها الرقابية وعجزها عن ضبط الاسعار، رغم جمود سعر صرف الدولار، بينما اسعار المواد الغذائية والاستهلاكية والخضر تتابع صعودها، لجشع التجار وتوحشهم في استغلال فاضح لغياب المؤسسات الرقابية.
ادى الغلاء الى اعتماد الكثير من العائلات تقنينا قاسيا في غذائهم اليومي، وخفض كميات الاستهلاك بفعل عجزهم عن شراء حاجياتهم الملحة، ناهيك باسعار الدولة والطبابة والاستشفاء.