خاص صور برس – فاطمة زيبارة
طفل من أصل اثنين يتعرض للتنمّر في لبنان خلال إحدى مراحل حياته، حيث يعاني الأطفال من القلق والتسرب المدرسي نتيجة تعرضهم لأشكال مختلفة من النتمر وفقاً لدراسة وطنية أطلقتها جمعية إنقاذ الطفل في لبنان تحت عنوان “ التنمّر في لبنان “
تعد ظاهرة التنمر المدرسي من أكثر المشكلات النفسية والاجتماعية تأثيرًا على صحة الأطفال وفي هذا الاطار تعّرف المعالجة النفسية مريم الدر اوجه التنمر بأنه يتمثل في استخدام العنف أو التهديدات أو السخرية أو الإهانات أو الاستهزاء بطفل آخر، وقد يكون ذلك على شكل كلامي، جسدي، أو حتى عبر وسائل التواصل الاجتماعي .
وتعقيبا على كلام الدر كشفت الدراسة التي أطلقتها جمعية إنقاذ الطفل في لبنان . ان ما يصل إلى 42% من الأطفال تعرض للركل أو الضغط، وأشكال من الاستقواء البدني، في حين أن 30% منهم تمّ الإساءة إليهم لفظياً أو سمعوا ملاحظات مسيئة عن مظهرهم أو جنسهم أو وضعهم الاجتماعي والاقتصادي أو عرقهم أو دينهم.
وتأكيدا على ماذكرته الدراسة تقول ميرنا وهي معلمة لغة عربية لصفوف الحلقة الاولى ومنسقة قسم الروضات ان ظاهرة التنمر منتشرة بكثرة في المدارس وليس فقط التنمر اللفظي وانما العنف الجسدي ايضا.
وأضافت انها لاحظت ان المتنمرين يأتون من بيئات منزلية تتميز بالصراع أو العنف أو انخفاض مستوى الاهتمام من قبل الأبوين أو تغيب الوالدين. مشيرة الى ان سبب العنف ممكن ان يعود الى ادمانهم على الالعاب الالكترونية التي تحرض على الضرب والقتل اضافة الى مشاهدتهم المتكررة لمقاطع فيديوعلى السوشيل ميديا يغلب عليها طابع العنف .
تقول والدة سامي وهو تلميذٌ في احد المدارس الابتدائيّة، أن الكره تولد في قلب ابنها اتجاه زملائه بسبب رفضهم اللعب معه ، وأضافت أن أبنها كان يحاول التودد دائما لرفاقه لكي يشاركهم لعبة كرة القدم ضمن حصة الرياضة المدرسية، ولكن كانوا يتمنعون من اللعب وينعتنوه بالسمين البطيء الّذي سيجلب الخسارة للفريق، ممّا سبب له اضطرابات نفسية ودخل في حالة اكتئاب جعلتهم ينقلونه الى مدرسة اخرى .
وهذا ما أشارت اليه المعالجة الدر التي أعتبرت ان تأثير التنمر المدرسي على صحة الطفل النفسية والعاطفية يمكن أن يؤدي إلى زيادة مستويات التوتر والقلق والاكتئاب لدى الأطفال المتضررين . الذين يشعرون بالعزلة والاضطهاد، مما يؤثر على ثقتهم بأنفسهم وقدرتهم على التعامل مع الصعوبات الحياتية بشكل عام .
ما الحل؟
في ظل نسبة العنف التي باتت تجتاح معظم المدارس والتي يكون سببها الأول هو التنمر كان لا بد من البحث عن حلول للحد من هذه الظاهرة . في هذا الاطار تذكر ميرنا معلمة اللغة العربية حادثة وقعت معها خلال احد الدروس عندما لاحظت احد الطلاب كان يسخر دائما من زميل له ويحاول التقليل من قدره أمام الجميع الى حد الأعتداء الجسدي عليه . تقول تدخلت لمنعه وأستطعت من خلال الحوار الهاديء معه ان ما يقوم به خطأ وحيث أنه لا يحب هكذا تصرف لنفسه لا يجب ان يحبه ويرضاه لغيره وفعلا نجحت في تغيير سلوكه تماما .
ولفتت ميرنا الى ان معالجة المتنمر ممكنة من خلال تغير نمط حياته وطريقة تعامل المجتمع حوله وخاصة الأهل والمدرسة، وكشفت في هذا الاطار أنها كمعلمة تعمد الى معالجة المتنمر من خلال تعيينه عريفا على الصف، كي يشعر بأهمية ذاته وانه يمكن الاعتماد عليه،
قبل سنوات ضجت مصر بحادثة وفاة الشابة رودينا ابنة 16 عاما إثر تعرضها لأزمة قلبية حادة، بسبب سخرية زميلاتها من شكلها، في حين أقدم مصطفى ابن 8 أعوام في الاردن على شنق نفسه بحزام حتى الموت بعد سخرية زملائه منه بسبب عيب خلقي في يده اليمنى. وهو مادفع العديد من وزارات التربية في الدول العربية الى دق ناقوس الخطر للبحث عن الية للحد من هذا الظاهرة
وهنا تشير المعالجة النفسية مريم الدر الى ضرورة أن يستمع الأهل إلى أطفالهم والتحدث معهم بشكل مفتوح حول تجاربهم في المدرسة. كما أكدت على ضرورة قيامهم بتعزيز الثقة والشعور بالأمان لدى ابنائهم، والتدخل بفعالية إذا كان اطفالهم بحاجة إلى دعم نفسي أو عاطفي. فضلا عن تشجيع الشراكة بين الأهل والمدرسة والمجتمع لتوفير بيئة داعمة وصحية لأبنائهم .
أما عن دور المدرسة رأت الدر أن على المدرسين والمشرفين الاهتمام بتحديد حالات التنمر والتدخل السريع لوقفها. كما لفتت الى أهمية تنظيم برامج توعية للطلاب والمعلمين حول آثار التنمر وكيفية التعامل معه. وضرورة تأمين بيئة مدرسية آمنة ومشجعة تشجع على التعاون والاحترام المتبادل بين الطلاب .
وختمت الدر كلامها بالقول أن المجتمع يجب أن يلعب دور فاعل الى جانب الأهل والمدرسة للحد من ظاهرة التنمر المدرسي وذلك من خلال تشجيع الجماعات المجتمعية على دعم المبادرات المحلية لمكافحة التنمر. عبر تنظيم ورش عمل وندوات للأهل والمجتمع لزيادة الوعي حول التنمر وكيفية التعامل معه .