غسان ريفي- سفير الشمال
سجل رئيس مجلس النواب نبيه بري هدفا ذهبيا أسكت فيه المعارضة وجمهورها، بالدعوة السريعة التي وجهها لانعقاد جلسة نيابية لانتخاب رئيس للجمهورية في 14 حزيران الجاري، فيما أحرج رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بسحب كل المهل التي كان يأمل الاستفادة منها سواء مع حزب الله أو مع تكتله النيابي.
حشر بري المعارضة في خانة اليك، وأفقدها كل ما تمتلكه من أسلحة يمكن أن تستخدمها بعد تقاطعها الهجين على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور لاستمالة الشارع، لا سيما إتهام رئيس المجلس بالتعطيل وإقفال أبواب البرلمان الى حين توفّر الأجواء الملائمة لايصال مرشحه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، حيث لم يعد للمعارضة مادة سياسية تتحدث فيها، سوى السعي الى إثبات حسن النية تجاه أزعور وتبرئة نفسها من تهمة إستخدامه تمهيدا لحرقه.
إقترن قول الرئيس بري بالفعل، حيث قال لوزير التربية عباس الحلبي لدى إستقباله في عين التينة أمس “عندما أعلنوا مرشحهم أعلنت موعد الجلسة”، الأمر الذي يؤكد أن بري لم يكن يناور او يساوم، وأن دعوته المعارضة الى إعلان مرشحها كانت جدية، حيث تؤكد مصادر عين التينة أن “تحديد موعد الجلسة جاء ليدحض كل الادعاءات والتصريحات التي حاولت النيل من الرئيس بري ومن الفريق الداعم لفرنجية”.
تحديد موعد الجلسة وضع كل الكتل النيابية أمام مسؤولية خياراتها، ففي الوقت الذي يحسم فيه الفريق الداعم لفرنجية موقفه ويستعد للمواجهة بأشكالها المختلفة، بدأت المعارضة العمل على حشد الأصوات لأزعور والتي يبدو أنها لم تصل حتى الآن الى عدد يفوق ما كان يحصل عليه المرشح المنسحب ميشال معوض، خصوصا أن القوى الأخرى باتت على يقين بأن المعارضة تستخدم مصطلح “التقاطع” على أزعور وليس “التوافق” عليه للتهرب من تحمل مسؤولية عمله أو برنامجه، ما يؤكد عدم إقتناعها به وأن تسميتها له هي فقط لقطع الطريق على فرنجية، وبالتالي إذا لم تكن المعارضة مقتنعة بمرشحها فمن الطبيعي أن تفشل في إقناع الكتل النيابية الأخرى به.
كما جاءت الدعوة السريعة لجلسة الانتخاب، لتُحرج رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل خصوصا أنها لن تعطه الوقت الكافي للمناورة أو لمساومة وإبتزاز حزب الله مجددا، وستفرض عليه تحديد موقفه تجاه حليفه بشكل سريع، فإما أن يصوّت مع من تبقى له من نواب في تياره السياسي للمرشح جهاد أزعور ويُطلق رصاصة الرحمة على تفاهم مار مخايل، أو يتراجع ويعيد وصل ما إنقطع مع الحزب لجهة الالتزام بالخيارات المتاحة.
ويتمدد إحراج باسيل الى تياره السياسي، في ظل معارضة خمسة من نوابه لخيار أزعور، ما لبثت أن تحولت الى مقاطعة حيث غاب هؤلاء النواب عن إجتماع الهيئة السياسية للتيار أمس، وعبر عدد من الذين حضروا عن تحفظهم، فيما يبدو أن محاولات باسيل الاستنجاد بعمه الرئيس ميشال عون لم تعد تنفع، لا بل بدأت تنعكس سلبا على باسيل الذي يستخدم الرئيس عون للضغط على أركان التيار لتحقيق مصالح ومكاسب شخصية، وهذا ما لم ينجح فيه باسيل خلال الاجتماعات الماضية، ما يجعله موضع إتهام داخلي بأنه يعرّض هيبة الرئيس عون للاهتزاز، ويشركه في أمور داخلية تتنافى مع موقعه كرمز للتيار والحالة العونية!..