“وجوه الفقر”… معاناة الأُسر اللبنانيّة في زمن كورونا وانهيار الليرة

النهار –

الفقر بأبشع صوره يفتك بال#مجتمع ال#لبناني، ولا آذان صاغية، إذ تحوّل سويسرا الشرق بحسب ما كان يُتغنّى به، إلى بلاد لا نعرفها ولا تعرفنا، بعدما طالتها يد الفساد والدمار، فشرّدت أهلها، وفقّرتهم، وأصبحوا يواجهون أزمة اقتصاديّة غير مسبوقة، أدّت إلى انخفاض قيمة الليرة بنسبة 90%، ورزح 55% من السكّان تحت خطّ الفقر.

وفي هذا الإطار، أطلقت منظمة “كير”- لبنان، وثائقياً قصيراً مدّته 10 دقائق، يحمل عنوان “وجوه الفقر”، ويتضمّن لقطات مؤثرة عن حياة خمسة مواطنين لبنانيين عاديين من خلفيات مختلفة، يواجهون مجموعة من التحدّيات، بما في ذلك عمليات الإغلاق الصارمة لمواجهة أزمة كورونا، كما الأزمة الاقتصاديّة في لبنان.

“وجوه الفقر” مبادرة إنسانيّة تجسدّت بفيلم، من إخراج الفنانة اللبنانية ساندرا أبرص، يهدف إلى تسليط الضوء على مستويات الفقر الكاسحة التي يواجهها بلد فقد عوامل الازدهار.

يسكن تحت الجسر من دون مأوى…

“أنا أسكن هنا تحت جسر الواطي – بيروت منذ سنة ونصف سنة”، بهذه العبارة بدأ يوسف البيطار (59 سنة) بوصف واقع حاله، بعدما فقد منزله. كان يعمل في بيع الحرف اليدويّة في “سوق الأحد الشعبي”، إلاّ أنّ إجراءات الحظر وقرار الإقفال التام، لعبا دوراً بارزاً في فقدانه عمله، وتالياً عدم قدرته على دفع الإيجار، ممّا تسبّب بخسارته لمنزله أيضاً.

“حلمي بسيط، منزل صغير وسقف”، هكذا عبّر العمّ يوسف عن حلمه بعدما خسر منزله القديم نتيجة الظروف الاقتصاديّة في البلاد، وعلى الرغم من حالته الفقيرة، فهو يرفض القيام بأيّ عمل غير قانوني، لتأمين مصروفه، في وقت يوضح فيه أنّ ما يُحزنه بالفعل هو عدم وجود أحد إلى جانبه، ممّا يُشعره بأنّه وحيد.

تخلّى عن حلمه الدراسيّ بسبب الفقر

“أنا يجب أن أكون في المدرسة أتعلّم كغيري من الأطفال”، بحرقة ودموع عبّر الطفل شادي لبابيدي (١٥ سنة) عن المسؤوليّة المُلقاة على عاتقه، في حين أنّه اضطر أنّ يعمل في إحدى ورش حدادة السيّارات براتب 75000 ليرة لبنانيّة أسبوعيًا، لكي يستطيع تأمين حاجات أسرته وإخوته الصغار في ظلّ الأزمة الاقتصاديّة الراهنة.كفيفة تُعيل عائلة… وهذا حلمها!

إلى جانب حالتها الصحيّة التي تتطلّب عناية خاصّة، تُعاني اليوم السيّدة نادين لحود وهي أمّ لثلاثة أطفال، فقدت بصرها في سن الحادية عشرة، من الفقر والحرمان، في حين أوضحت أنّها عاجزة عن تأمين احتياجات أطفالها الأساسيّة.

“أنا لا أستطيع رؤيّة أطفالي بسبب وضعي الصحيّ، وكلّ ما أتمنّاه هو رؤيّتهم فقط”، أمّا بالنسبة إلى قلب الأمّ الذي يتوق لرؤيّة أطفالها، فهذا كان حلم نادين بعيداً من حالتها المعيشيّة غير الميسورة.

الخيّاطة القديمة تُحيك أمنيات الأمل بعبارة “ستُفرج”…

جميلة درغام، أمّ لثلاثة شبّان، وجدّة لـ10 أحفاد، تعمل في إصلاح الألبسة من منزلها حالياً، بعدما فقدت دكّانها بسبب الأزمة المعيشيّة، وهي تُعاني من شحّ في الدخل كغيرها من المياومين، وتُشير إلى أنّها بالكاد تدفع مستحقّات الكهرباء وغيرها من المدفوعات الشهريّة. اعتاد أولاد جميلة على دعمها، إلاّ أنّ الأزمة الراهنة منعتهم عن ذلك، ولكي لا تتأخر عن دفع الإيجار وفقدان منزلها، اقترضت من الأصدقاء والجيران.
“لا يوجد شدّة تدوم، ستُفرج”… بكلمات مليئة بالأمل والرجاء ختمت السيّدة درغام حديثها، على أمل تخطّي هذه المرحلة الصعبة.

معاناة الطفلة نور مع الفقر والمدرسة
نور خطيمي، فتاة في ربيع عمرها، تخلّى عنها والداها بعد طلاقهما، وهي تعيش مع جدّتها حالياً التي لا تعمل، وهما في حالة معيشية تعسة، إلاّ أنّ الجدّة تُحاول تأمين قوتهما اليوميّ على الأقلّ، من خلال جمع العلب المعدنيّة وبيعها.

تُعاني نور كسائر الطلاّب في لبنان من مشاكل في الإنترنت وارتفاع كلفتها، كما عدم توافر أجهزة متطورّة لإنجاز دروسها وواجباتها المدرسيّة، ممّا يُعيق عملية “الأونلاين” لديها.
وعلى الرغم من مشاكل نور، إلاّ أنّها تُفكّر بجدّتها، وكلّ ما تريده هو تأمين الدواء والطعام لها.بدوره، أكدّ مدير منظمة “كير” الدولية، بويار هوشا، على أنّ الهدف الأساسي من الفيلم، هو تسليط الضوء على العائلات التي تعيش تحت خطّ الفقر، وتصوير أصوات الشباب والآباء والأمّهات وكبار السنّ وكلّ شخص يُعاني من وطأة الأزمة المعيشيّة الراهنة.