الدولار على حاله: منصة سلامة لا تعمل!!

 كتبت صحيفة ” الأخبار ” :

أخيراً انطلقت منصة رياض سلامة من دون أن يكون ثمة منصة فعلية، بل ‏مجرد أكاذيب إضافية ينشرها الحاكم للتهويل على المودعين والضغط ‏لإصدار قانون يتيح له تغطية موبقاته السابقة واللاحقة

بعدما بات تاريخ إطلاق منصة مصرف لبنان مشابهاً لموعد الفوز بجائزة اللوتو على قاعدة “إذا مش الإثنين ‏الخميس”، عمد حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، يوم أمس، الى تسريب خبر إطلاق المنصة، بتأخير عن ‏الموعد الرسمي الذي كان قد وعد به قبل نحو شهر. حصل ذلك من دون أي بيان رسمي من سلامة أو حتى بلاغ ‏للمصارف التي أتمت جاهزيتها التقنية، وحاول بعضها البارحة الصرف عبر المنصة عقب شيوع الخبر، لتتكلل ‏التجربة بالفشل. ما هو واضح، استمرار حاكم مصرف لبنان في نشر الأكاذيب والتهويل على أصحاب الودائع عبر ‏ربط المنصة بما سبق أن أعلنه الأسبوع الماضي بشأن مفاوضته المصارف لإعطاء المودعين مبلغاً من المال من ‏ودائعهم بالدولار، حدّه الأقصى 25 ألف دولار مقسّطة على ثلاث سنوات. وربطه من ناحية أخرى بقوننة استعمال ‏مليارات الاحتياطي الإلزامي لتغطية نفسه، رغم أن بإمكان المصرف المركزي التصرف بهذه الأموال من تلقاء نفسه، ‏وليس ثمة ما يمنعه من القيام بذلك سوى أنه يسعى مجدداً الى تنفيذ مخطط احتيالي آخر، علماً بأن المبلغ الذي يعتزم ‏‏”تمنين” المودعين به من جيوبهم، سيكون عبر دفعة بالدولار ودفعة أخرى بالليرة اللبنانية على أساس سعر الصرف ‏المحدّد في المنصة، يجري تقسيطهما على 3 سنوات. ويقضي مخطط سلامة باستعمال دولارات الدفعة الثانية من ‏أموال المودعين لضخّ الدولارات في المنصة. لكنه حتى مساء أمس لم يكن قدد حدّد للمصارف أو للصرافين وفق أي ‏سعر صرف ستعمل، وإذا ما كان سيحدّد السعر بنفسه أو يربطه بعمليات البيع والشراء في السوق. مصداقية حاكم ‏المصرف المركزي المفقودة والثقة المعدومة بأي قرار يصدره، أسهمتا في عدم حدوث أي تغيير جذري في سعر ‏الصرف ولو ظرفياً بالتزامن مع الاعلان غير الرسمي عن إطلاق المنصة، إذ سجّل الدولار انخفاضاً في قيمته لا ‏تتعدى 200 ليرة خلال ساعات بعد الظهر، ليعود ويرتفع الى حدّ 12650 ليرة. رغم ذلك، وحده سلامة يعتقد أن ابتزاز ‏المودعين بأموالهم والدفع عبر التجزئة باللبناني والدولار والتقسيط على مدة 3 سنوات، هي إجراءات ستسهم في ‏تخفيف الضغط عن سعر الليرة عبر وضع الدولار في التداول في السوق، خلافاً للترجيحات بأن يعمد المودعون الى ‏ضبّ دولاراتهم وعدم التصرّف بها أو صرفها‎.‎

أما سياسياً، فلا صوت يعلو، بالنسبة إلى أغلب اللبنانيين، على صوت البطولات التي يسطّرها الشعب الفلسطيني ‏أمام آلة القتل الإسرائيلية. على صعيد تأليف الحكومة، لم تسهم فرصة العيد سوى في تعزيز حالة الفراغ ‏المستحكمة؛ لا الرئيس المكلّف مكترث للتشكيل بل يستفيق فقط لتقديم فروض “التبجيل” للخارج، فيما رئيس ‏الجمهورية ما زال ينتظر الأخير لتقديم تشكيلة تراعي التوازنات. وإذا كان التأليف بعيد المنال، فإن ذلك لم يسهم ‏بعد في حثّ رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب على التحرّك وتحمّل الحد الأدنى من مسؤولياته. حتى ‏ملف ترشيد الدعم الذي وضع على نار حامية في الأسبوعين الماضيين، يبدو أنه أقفل مجدداً. اللجنة الوزارية ‏المعنية لم تجتمع، كما لم يعد أحد من المعنيين يتطرق إلى الموضوع. وحده حاكم مصرف حسم أمره، وقرّر ‏المضي قدماً في إجراءات ترشيد الدعم من طرف واحد، من خلال تضييق الخناق على المستوردين وتقنين ‏الاعتمادات الدولارية. إلى ذلك، يأتي ملف الكهرباء ليزيد الضغوط على الناس، الذين يبدو أنهم صار عليهم أن ‏يعتادوا تقنيناً قاسياً. عصر البواخر التركية أفل رسمياً، والباخرتان “فاطمة غول” و”أورهان باي” أطفأتا ‏محركاتهما، لكنهما لن تكونا قادرتين على المغادرة بعدما حجز عليهما المدعي العام المالي، لاتهامه شركة ‏‏”كارادينيز” بدفع عمولات. القدرة الانتاجية للباخرتين تبلغ 470 ميغاواط (نظراً إلى شح الفيول كانتا تنتجان ‏‏200 ميغاواط مؤخراً)، وهذا سيؤدي إلى ضغط كبير على المعامل الأخرى، ومعظمها قديم ومتهالك. لكن ذلك لن ‏يكون التحدي الوحيد أمام مؤسسة كهرباء لبنان. رفع الباخرتين عن الشبكة أدى إلى تخفيض الإنتاج إلى 950 ‏ميغاواط، وجعل المحافظة على هذا المعدّل المتدنّي أصلاً تحدياً حقيقياً أمام المؤسسة. فأي عطل طارئ يمكن أن ‏يطال شبكة النقل أو في المعامل، سيؤدي إلى كارثة على صعيد الإنتاج. وهذه الكارثة طيفها سيكون حاضراً، ‏أيضاً، في حال حصل أي تأخير إضافي في شراء الفيول، أو في حال استمر مصرف لبنان في رفض تمويل ‏الحاجات الضرورية للمؤسسة، إن كان لتأمين قطع الغيار أو لإجراء الصيانات الضرورية أو شراء المعدات‎.